عبدالرحمن العوضي: فلتسقط الديكتاتورية البرلمانية


يمكننا أن نقول ذلك بملء فينا، ولا نخشى لومة لائم ولا تستطيع الدكتاتورية البرلمانية أن تعاقبنا كالدكتاتورية التنفيذية بسبب عدم وجود أي سلطة تنفيذية بيدها. وكل ما تستطيع أن تعمله هو أن تهاجمني في إطار الحصانة داخل قبة عبدالله السالم.
فعلا نعيش حالة غريبة في الكويت ونستذكر المرحوم أحمد الربعي بشعاره الهرم المقلوب فكان يرى أن الأهرام مقلوبة فعلا لدى السلطة التنفيذية. ولكن لو كان معنا الآن ويرى ولأول مرة في التاريخ نظامنا البرلماني أن الغالبية البرلمانية هي المعارضة في حين أن الأقلية المتمثلة في السلطة التنفيذية وأعوانها في المجلس هي الأقلية، أي أن الأقلية تحكم وأن الغالبية تعارض فكيف تسير مثل هذه الممارسة للحياة البرلمانية التي هي من عجائب الكويت؟

مثل هذه الديكتاتورية البرلمانية حصلت في عهد ديغول في فرنسا إذ انه تكرر حل البرلمان وصار البرلمان مجالا فقط للنقد والمعارضة وتعطلت أعمال الحكومة، وهنا استنجد بالزعيم القومي الكبير الجنرال شارل ديغول الذي قبل أن يتولى السلطة، ولكن بشرط واحد هو أن يكف البرلمان عن إصدار التشريعات المرتجلة التي تحقق أهدافا خاصة بعيدة عن المصلحة العامة، واشترط ألا يصدر أي تشريع من البرلمان إلا من قبل الحكومة أو إذا وافقت على التشريع المقترح منهم قبل التصويت عليه أي أن لو أراد المجلس أن يصدر تشريعا خاصا فعليه التفاهم مع الحكومة وإذا قبلت الحكومة يأخذ التشريع مجراه وتستكمل إجراءاته.

هذه النقطة التي ركز عليها ديغول هي السر في الأساس لفشل الحركة البرلمانية لأن إصدار هذه التشريعات دون أن يكون لدى الحكومة الإمكانيات البشرية والمالية فإنها لا تتعدى أسلوب عرقلة الأداء الحكومي.

وهكذا نرى أن الطريقة الصحيحة والأسلوب القانوني ألا يطلب من الحكومة ما لا تستطيع أن تعمله وخارج إمكانياتها، وبعد ذلك تصبح الحكومة مقصرة والوزراء يستجوبون وكذلك رئيسهم ظلما وبهتانا ونقدا شخصانيا لكل فرد من الوزراء.

فهل يا ترى ما نسمعه كل يوم عن التهديد بالتشريع وإجبار الحكومة على تنفيذ المطالب والمآرب من الفئات المسيطرة على المجلس أمر مقبول. فهل يمكن أن تسير الانجازات بالصورة التي يتمناها الكل وفقا لخطة التنمية وبرنامج الحكومة وأولوياتها. أما غير ذلك فنعتبره هرجا ومرجا و«ضحكا على الذقون» بالادعاء الشعبي بأنهم قاموا بإصدار تشريعات أغلبية لطلباتهم، ولكن الحكومة قصرت في ذلك .

هذا وضع خطير وسوف يكتشف الناس هذه الألاعيب، ولكن بعد أن يكون «فات الفوت ولا ينفع الصوت»، وكذلك الأمر بالنسبة للاستجوابات الارتجالية التي شاهدناها على التلفزيون. والمؤسف أن من قام بها أعضاء مجالس أمة سابقون، وكان الواضح أن الهدف فقط هو إثارة وتشويش والحط من قدرات الوزراء ومحاربة وعرقلة مسيرة سمو رئيس الوزراء الذي قبل التحدي رغم معرفته بأن الأجواء غير صالحة وغير مستقرة وأن النفوس مشحونة ولديها أجندات خاصة وهدفها التطاول على هذا الرجل الأمين الذي قبل هذا التحدي.

فيا إخوان، الوضع أخطر مما تتصورونه، والديموقراطية لا تكون بهذه الصورة وأصبح الكل يتمنى لو أننا نسير بالبلاد بأسلوب علمي وطرق علمية ووضع خطط واضحة كما هو الحال في الدول المجاورة، والذين سبقونا بالتنمية وليس لديهم ما يتشدقون به من دستور وديموقراطية كما هو الحال عندنا.

يا جماعة هدوا المعركة، ولديكم أربع سنوات إذا كنتم جاهزين للعمل الجاد، أما إذا كنتم راغبين في طرح القضايا الشعبوية لديكم وغير المعقولة، فمن المستحيل وضعها في موضع التنفيذ، وسوف يكتشفكم الشعب ويعلم أنكم قد جئتم إلى البرلمان لعرض عضلاتكم وليس لتسخير عقولكم وفكركم من أجل هذا البلد الطيب الذي أعطاكم كل ما تتمنوه. وارحمونا يا جماعة ولا تدخلوا البلاد في صراعات نحن في غنى عنها، ولا تضطروا صاحب السمو الأمير لأن يتخذ إجراءات لا يحبها، ولكن لا يمكن أن يقبل بما يراه من فوضى وارتجال في كل ما تطرحونه من أفكار. وسلام على الديموقراطية إذا كان هذا مفهومكم لها.

وحفظ الله الكويت وأميرها ودستورها من هذه الشوائب التي تطرحونها.
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.