الاتفاقية الأمنية بين دول الخليج العربية ليست كما يشاع أنها راعت خصوصية كل دولة، لأن كل مادة فيها تخالف نصوص الدستور الكويتي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال قبولها، ومن يصوت عليها بالموافقة من النواب خائن للقسم الذي أقسمه في جلسة الافتتاح، وأذكرهم بنصه كاملا
«أقسم بالله العظيم، أن أكون مخلصا للوطن وللأمير، وأن أحترم الدستور وقوانين الدولة، وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وأؤدي أعمالي بالأمانة والصدق».
لا يمكن ونحن في القرن الواحد والعشرين أن نعود إلى القرون الوسطى بقوانيننا وتشريعاتنا، وتلك الاتفاقية ليست كما يتصور البعض اتفاقية بين دول الخليج العربية، بل هي اتفاقية دولية، وعلى كل دولة خليجية أن تعيد صياغة قوانينها من أجل التوافق مع نصوص تلك الاتفاقية، ومادامت نصوصها لا تتوافق مع الدستور الكويتي أصلا، فكيف نصوغ تشريعاتنا لتتوافق معها؟ أليس في ذلك تناقض دستوري وقانوني؟!
في البحرين، صفع شرطي مواطنا بحرينيا يحمل طفله على كتفه، وعلق على ذلك وزير خارجية البحرين الشيخ خالد الخليفة بالقول إنه لا يجوز أن يصفع الشرطي مواطنا دون سبب، وفي البحرين نقاط تفتيش مشتركة بعدما يفتشون على مواطن بحريني ويعرفون أنه من الطائفة الشيعية يقولون له «امش يابن المتعة»، فهل نريد أن نكون ونحن الدولة الدستورية التي تحترم البشر جزءا من تلك التشريعات؟
في دولة الإمارات العربية المتحدة هناك نزاع فيما بين الحكومة وشريحة من أبنائها، وقد أعلن مسؤولوها أكثر من مرة موقفا واضحا ومحددا من حركة الإخوان المسلمين وكالوا لها الشتائم وشككوا في وطنية من يعتنق أفكارها من أبناء الإمارات الحبيبة، فهل نريد نحن في الكويت أن نكون جزءا من ذلك التوتر من خلال تلك الاتفاقية؟ ماذا لو لجأ لنا مواطن إماراتي هل نقوم بتسليمه؟! وماذا لو طلبت حكومة الإمارات تسليمها مواطنا كويتيا بحجة علاقته بخلية إرهابية؟!
ماذا لو تشاجر مواطن كويتي خلال زيارته للملكة العربية السعودية من أجل العمرة مع أحد أفراد الأسرة المالكة هناك ماذا سيكون مصيره هل ستسلمه الحكومة الكويتية لقضاء يختلف اختلافا جذريا عن القضاء الكويتي؟! وربما ليست هناك إمكانية أن يحصل على إجراءات تقاض قانونية كما يجب، وماذا لو تشاجرت مواطنة كويتية أثناء تأدية شعائر العمرة مع أميرة سعودية مثلا؟ فهل سيقبض عليها وتخضع لنصوص
الاتفاقية الأمنية؟!
نصوص الاتفاقية الأمنية غامضة وملتبسة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال فهمها بشكل قانوني صحيح، والخوف أن تفسرها كل دولة في ظل هذا الغموض والالتباس حسبما تريد هي، لا حسبما تتطلب تلك النصوص، الأمر الذي يمكن أن يخلق لنا أزمة جديدة تضاف إلى أزماتنا المزمنة في المنطقة، وبدلا من «حلحلة» قضايانا نزيد الطين بلة بكارثة أكبر من كل تلك التي لانزال نعاني من وجودها، مثل قضايا المعتقلين الحالية.
الكرة الآن في ملعب النواب، والقضية تمس الدستور مسا مباشرا، وما يقال عن نزع المواد الخلافية عنها ليس دقيقا وهي كما كانت سابقا، ولا يمكن بأي حال من الأحوال قبولها في بلد دستوري، تنص أغلب مواد دستوره على الحريات والعدالة وتكافؤ الفرص بين مواطنيه، وإذا كان الأمر كذلك فلتكن تلك الاتفاقية بين الدول الخليجية الأخرى باستثناء الكويت، لأن دستورها لا يسمح.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق