عبداللطيف الدعيج: ما بالحمض أحد

حتى كتابة هذا المقال، لم تعتذر وكالة الانباء الرسمية (كونا) عن الخطأ البروتوكولي الذي اقترفته بالانتقاص من رئيس مجلس الامة. ولم يصدر مجلس الوزراء هو الآخر بيانا يوضح فيه مسؤوليته عن الخطأ. هذا يعني انه ليس هناك خطأ ولا هم يحزنون، بل الجماعة ماضون في العداء الصريح للنظام الديموقراطي، وللانتقاص المتواصل لمكانة مجلس الامة واختصاصاته. لانزال في الواقع نأمل في ان الجماعة مثل عادة كل مؤسساتنا نائمون، وانهم سيصحون ظهر اليوم او الغد. لكن لا يبدو ان ذلك ممكن، او انهم ليسوا معنيين بمكانة مجلس الامة للدرجة الكافية التي تفرض عليهم الاعتذار لرئيسه، وقبل ذلك للشعب الكويتي الذي استنقصوا من شأن سلطته.

الكرة الآن في ملعب مجلس الامة. وللاسف، مع كثرة الرياضيين فيه، فان هذا المجلس لا يعرف يلعب، او ربما يلعب كرة، ولكن لا يلعب سياسة. واغلب اعضائه حتى الآن لم يعرضوا غير الاستسلام والسقوط في وهم التصالح والتسامح، خوفا من الاتهام بالتأزيم والتعطيل. ورئيس المجلس «لك عليه»، موقفه من العبث بالقسم النيابي يشير الى ان لديه استعداداً واضحاً للتغاضي عن الاساءة التي وجهت إليه شخصيا وإلى مجلس الامة. فهو اكثر من بقية الاعضاء بحثا عن السلامة والابتعاد عن المناكفة والتأزيم. وتحت هذه الطروحات النبيلة يبدو ان مجلس الامة واعضاءه سيفقدون كثيرا من هيبتهم، وربما اختصاصاتهم وسلطاتهم.

الآن.. كثيرون سيبررون التعدي الحالي وغيره، على انه نتيجة التسامح مع مرسوم الصوت الواحد، والمشاركة في الانتخابات الاخيرة. وسينسون ان هذه الانتخابات وآلية التصويت الجديدة كانتا مخرجا حقيقيا للمجاميع الوطنية الديموقراطية من عزلتها، وتصحيحا «راديكاليا» لكل العبث الذي طال العملية الانتخابية طوال العقود الاربعة الماضية. وانهم وليس احد غيرهم من فوّت الفرصة الذهبية للعمل الوطني، من اجل استعادة عافيته ودوره المسلوب. ان مقاطعة الانتخابات، وليس المشاركة فيها، هي ما وفر للسلطة الميدان الكامل والفاضي للعب والتلاعب باعضاء مجلس الامة الحاليين الذين يفتقدون الخبرة النيابية والالمام السياسي.

عبد اللطيف الدعيج
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.