عبداللطيف الدعيج: رئيس الحكومة لم يعتذر

بعض المواطنين وكثير من المتذاكين استنكروا واستهزأوا في الواقع في ما أثرته لايام عن الانتقاص الاعلامي الذي طال مجلس الامة. علما بان ما حدث قد يكون خطأ اعلاميا غير مقصود، وقد يكون مقدمة او جس نبض للتعديل العام في النظام السياسي بحيث تصبح السلطة التنفيذية اكثر قوة واكثر «اهمية» من السلطة التشريعية، اي ان تتقدم الحكومة على مجلس الامة في الشأن العام. بالنسبة لي، محاولات اطراف عديدة في النظام الانتقاص من مجلس الامة موجودة منذ صدور الدستور وقيام الدولة الحديثة ومؤسساتها. ولا اعتقد ان شيئا كثيرا تغير رغم التأكيدات والتطمينات. لهذا فان من الصعب مع هذه التجارب والخبرات النظر للأمر ببساطة او التعامل معه على انه خطأ وحسب.

وزارة الاعلام اعتذرت، لكنها اوضحت عدم مسؤوليتها عن الخطأ الاساسي، وانها بثت الخبر وفق ما جاءها من مجلس الوزراء. مع هذا فان الوزارة ستحقق في الامر لاكتشاف مسؤولية من تقبل الخطأ او نشر الخبر على «علاته»! مجلس الوزراء حتى الآن، صامت. وكأن الامر لا يعنيه، او بالاحرى لم يرتكب خطأ وليس هناك قضية تستحق، فعندهم الامر عادي، مثل السذج ممن انتقدوا اهتمامي بالامر، فهو عندهم ترتيب اسماء ليس الا. او هل هو كذلك بالفعل؟! نقبلها من السذج، ومن الكثيرين منا ممن عندهم فقر مدقع بالنظام السياسي وبالمواد الدستورية.. لكن لا يمكن قبولها او فهمها من حكومة مهمتها الهيمنة على امور البلد، وحفظ النظام الاساسي للدولة.

• • •

زيدوا الرواتب لا تزيدوا السكان

حسب ما نشر، فان بعض اعضاء مجلس الامة يتجه الى العمل التشريعي الوحيد الذي مارسته وفلحت فيه مجالس الامة، وهو اصدار تشريع بمنح وعطايا جديدة للمواطنين. طبعا هناك الكثير من هكذا مشاريع، لكن اللافت للنظر، او الذي يطرح دائما هو زيادة علاوة الاولاد وزيادة عدد من تقدم لهم.

لسنا معنيين هنا بالزيادة المقترح تشريعها لزيادة علاوة الاولاد، رغم اننا نعتقد ان مثل هذه الزيادات هي شأن خاص جدا بالحكومة بوصفها رب العمل الذي يكافئ او يعاقب موظفيه او يصرف لهم الرواتب والاجور وفقا لسوق العمل وحسب قدراته وامكاناته. ان يأتي السادة اعضاء مجلس الامة ويحددوا للحكومة، او رب العمل هنا، رواتب موظفيه ومكافآتهم فهذا تعدٍ على سلطات رب العمل واختصاصاته واستنزاف غير موفق، وربما غير ضروري، لقدراته وامكاناته. خصوصا ان رب العمل او الدولة تعاني ميزانيتها تضخم الرواتب التي يتنبأ كثير من الخبراء بعدم قدرة الدولة على الوفاء بها في القادم من سنين، ان استمرت المنح والعطايا على هذا المنوال او انخفضت قليلا اسعار النفط.

لكن كل هذا ليس مهما، فبامكان اعضاء مجلس الامة اهدار المال العام على المواطنين. لكن ليس من العدل ان يكون هذا المال مفتوحا لموظفي الحكومة دون غيرهم من المواطنين، وليس من الحصافة ان يربط النواب بين زيادة مخصصات معيشة المواطنين وزيادة النسل ايضا. نحن رغم غنى الدولة نعاني تضخم النسل، واسرنا وابناؤهم يعانون كثيرا ارتفاع المواليد الذي يقلل فرص الاهل للعناية المادية والتربوية والروحية بابنائهم. في الواقع على معدل «الهياتة» التي يمارسها الاهل في الدواوين والمجمعات ليس هناك مجال للاهتمام والعناية باي عدد من الاطفال فما بالك بمعدلات هذه الايام.

ان في امكان اعضاء مجلس الامة زيادة علاوة الاولاد، لكن ليس هناك داع على الاطلاق لصرفها لسبعة، كما هو مقترح. بل الافضل ان يكون المبلغ ذاته مخصصا للاولاد الثلاثة الاوائل، بحيث لا يصبح هناك اغراء للمواطن بانجاب اربعة آخرين. بل الافضل والاكثر خدمة للمواطن وللدولة ان تكون الزيادة للمتزوجين من دون ربط ذلك بالانجاب، وذلك للارتقاء العام بمستوى معيشة المواطنين والمجتمع على حد سواء.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.