أحد اعضاء هيئة التدريس بجامعة الكويت – كلية الحقوق – بدرجة استاذ دكتور، صديق عزيز أثق بكلامة جيدا.. يقول: كنت في مكتبي ذات يوم اقوم بترتيب اوراقي واستعد للمحاضرة القادمة ولاحظت من (طرف عيني زول آدمي)، يتردد على باب مكتبي وكأنه يحاول الدخول لكنه (مستحي) وكأنه غير قادر على طلب الاستئذان لزيادة خجله، او ان امراً ما منعه، كان يبدو عليه واضحا انه ليس من طلبة الكلية او طالبا منتسبا لاحدى الكليات العلمية الأخرى، اذ ان – يضيف – خبرتنا الطويلة في مجال التدريس اكسبتنا معرفة قوية في طلبتنا، وازدادت هذه المعرفة حتى نكاد ندرك ماذا يريد الطالب أو حتى كيف يفكر. المهم ان هذا الشخص ظل يتردد ذهابا وعودا امام المكتب حتى قطعت شكي بيقين المعرفة حوله. توجهت اليه وسألته: تفضل يا أخ هل تريد شيئا؟ سارع بالقول، هل تأذن يا دكتور لي بالدخول؟ فقلت له على الرحب والسعة، بعد ان جلس سألني السؤال التالي: دكتور شاهدتك ضيفا في برنامج (اليوم السابع) وأعجبتب بالحوار مع مقدم البرنامج وقد شدتني افكارك وتوجهك، سألت عنك حتى أرشدوني اليك، ثم يضيف… لكن اود ان أسألك سؤالا.. قلت له تفضل قال: ما رأيك (باللي يصير بالديرة) قلت له ماذا تقصد؟ قال المسيرات وما يدور فيها.. قاطعته.. قصدك وما يُسَوق لها.. قال اذا انت فهمتني، قلت له: هات من الآخر، قال أبيك تساعدني، قلت في شنو؟ قال أنا تعبان يا دكتور و… ضائع!! قلت له: ضايع وتعبان؟ قال نعم.. قلت له: من ماذا؟ قال: انا احد الناشطين من الشباب الذين ينظمون وينفذون ويقودون وبالطبع يشاركون في المسيرات والتجمعات التي تقام في الكويت هذه الايام، ثم.. ثم.. لا أعرف كيف اصف لك الوضع اليوم.. لأننا اصبحنا مشتتين ووصل بي (على الاقل) الحال الى اهمية ان اتحدث الى من يرشدني الى صحيح المسار وسمو الغاية!!! ببالغ الاستغراب والشك في آن واحد، قلت له: اذاً كيف تفسر لي موقفك من المسيرة (حسب ما ذكرت للتو) مع ربعك من الشباب وانتم تظهرون للجميع من خلال جميع وسائل الميديا (فشلتونا أمام العالم واظهرتوا ان الكويت بلد القمع السياسي) أنكم ذوو شأن وبأس لا يهاب وليس عنده ما يخسره ثم ان اصراركم وصيحاتكم وشعاراتكم تنطلق من ايمان راسخ لمطالب ذات اهداف سامية تتعالى على جميع المطالب والرؤى الوطنية، وان (عندكم) اهدافا مشتركة انت والشباب ممن اقتنع بأفكاركم التي تسعون من خلال مسيراتكم وتجمعاتكم في تحقيقها واقرارها غصبن على (اللي يرضى واللي ما يرضى)، ومن يشاهدكم في الوسائل الاعلامية يدرك بأنكم اصحاب رسالة وفكر وانكم مُخيرون (محد غاصبكم) على اللي (تسوونه) والاخوة قادة المسيرات والحراك الشبابي يوجهونكم وفق اجندتهم والمخطط اللي يبونه حتى اصبحتوا اداة فعالة لديهم، يعني.. هم يخططون وانتوا تنفذون.. قاطعني بشدة وقال بصوت عال: لا لا.. لا.. غلطان ثم غلطان.. قاطعته وقلت له: حسبك اخي الحبيب لا تنس نفسك.. انت لست في ساحة الارادة، انت هنا في الحرم الجامعي ولن نسمح لك بأن (تطول) صوتك، ثم اني احب ان اذكرك.. انت في مكتبي واحترامك واجب علي ولكن…… تأسف الضيف (ثقيل الدم) ثم فسر لي هذه العصبية غير المبررة واضاف: يا دكتور نحن من يقود المسيرات وينظم التجمعات حتى ان احدهم ممن تسميهم يا دكتور قادة التنظيم اعربوا لنا ذات يوم عن رغبتهم بالغاء المسيرة التي اعدوا لها جميع متطلبات النجاح المزعوم، ثم فجأة.. اخبرونا بالغائها، فقلنا لهم (مو كيفكم) اللي يبي يجي معنا اهلا وسهلا واللي ما ييي (يقعد في بيته)! نحن من اجبرناهم على تنفيذ المسيرة، وتم كل شيء حسب ما كان مخططا له. قلت: عندي سؤال.. قال تفضل دكتور.. قلت ليش كل هذا؟ ثم ما هي الفائدة (اللي) تنتظرونها؟ قال: ما (قبلوني) يا دكتور مع دفعة الضباط الأخيرة!! على الرغم من اني كويتي من ام كويتية، وهناك من تم قبوله وهو اقل مني كفاءة.. ومشاركتي بالمسيرات التي انا وكثير من الشباب بسبب حجم الاحباط الذي نعاني منه.. يا دكتور أنا وكثيرون (ما لنا في السياسة) لا ناقة ولا جمل (حنا وين وخلافاتهم مع الحكومة وين) تشاهدوننا والكثير من الشباب اللي معانا في تلك المسيرات التي ما هي الا تعبير عن ما نعانيه من مشاكل اثرت بنا كثيراً ووسعت الفجوة بيننا وبينكم، بل ان بعضنا يشعر وكأنهُ منبوذ في مجتمعه!! انتم تعزلوننا وتحجموننا ! نحن (عيالكم) ليش يصير فينا (جذيه)؟؟ لقد وجدنا ان (ننفس) عن غضبنا من خلال تلك الوسائل اللي نعرف جيدا انها لن تجيب لنا الا الاهانات والآهات والمشاكل لنا ولأسرنا.. سكت قليلا.. وبادرني بتكرار سؤاله: ماذا افعل يادكتور؟ قلت له: يعني كل اللي تسوونه (مو علشان انكم ضد الصوت الواحد) قال: طبعا لا !! قلت له وهل الغاية تبرر الوسيلة، قال: لا..لكننا تورطنا !! قلت له: بعد (بعد ان ارتفع ضغطي، وتدنى السكر في جسدي، وتسمم بدني…) المحاضرة بدأت ويجب ان أؤدي عملي ووظيفتي باخلاص واعلم طلبتي على حب الكويت! وتأصيل المواطنة، ونبذ الطائفية، واحترام الرأي والرأي الآخر، وان الولاء للكويت، وان غايتكم اقصد غايتك، لا تبررها وسيلتكم…
ناصر أحمد العمار
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق