ناجي الزيد: احترسوا

عندما تتجاهل الحكومة مكانة منصب رئيس مجلس الأمة بوضعه في الخانة الرابعة في الترتيب التنازلي لنظام العلاقة بين السلطات، فإنها بذلك تعطي الانطباع بأنها تعتبر هذا المجلس صورياً، وما تشكيل لجنة للتحقيق إلاَّ ذر للرماد بالعيون. ولو لم يثرها الكاتب عبداللطيف الدعيج، لاستمر الأمر وكأن شيئاً لم يكن برغم رمزية الموقف!

وعندما تدعو لجنة الميزانيات والحساب الختامي وفد وزارة المالية، برئاسة الوزير مصطفى الشمالي، لمناقشة الميزانية، ويكتشف أعضاء اللجنة أن وزير المالية أتاهم خالي الوفاض، ولا يحمل معه بنود الميزانية ولا أرقاماً، مما دعا رئيس اللجنة النائب عدنان عبدالصمد إلى السؤال الجاد والمنطقي عن سبب قبول الدعوة إذا لم تكن الميزانية جاهزة، ربما ملمحاً إلى أن الاجتماع ليس للتعارف!

مثل هذه التصرفات الحكومية تعطي الانطباع العام الذي تثيره المعارضة، بأن الحكومة تستهزئ بهكذا مجلس وهكذا لجنة مالية… وأنها أتت به عن طريق الصوت الواحد ليكون بصَّاماً!

قليلاً من الحكمة يا حكومة..

وقليلاً من الإدراك..

وقليلاً من الاهتمام بالمجلس ونوابه..

فمثل هذه التصرفات والسلوكيات وغيرها، عليكم التمعن بأن هذا المجلس انتخبته شريحة كبيرة من المواطنين، تشكّل %40، وحتى الآن لم يتبين لون هذا المجلس ولا طبيعته، ولكن تبين أن هناك نواباً جادين، وعلى الأقل ارتفعوا بلغة الحوار، وقُدمت اقتراحات معقولة، ومعارضة لم تتشكل بعد، ولكنها ستتكشف قريباً، ولن تكون مفاجئة إذا كانت هذه المعارضة أكثر شراسة، إذا استمرت الحكومة بعدم جديتها بالتعامل مع مجلس الأمة ممثلاً بأعضائه.

الحكومة ليست جديدة، المجلس هو الجديد، ولن يجد هذا المجلس بداً تجاه التجاهل التدريجي لدوره في التشريع والمراقبة، إلا أن يشكّل معارضة قد تبدو الآن معتدلة، إلا أنها ستكون شرسة ومنظّمة إذا استمر هذا التجاهل الحكومي وعدم الاعتداد بالمجلس وأعضائه.

فحذار، يا حكومة، من التمادي فيما يوحيه لكم البعض بأن هذا المجلس صوري، و«ضامنينه بالجيب»… فجيب الحكومة خاوٍ إلا من تصورات ونظريات لا تصلح للتخطيط على المدى البعيد لإصلاح الأوضاع في البلد، فلا تستهينوا بأعضاء هذا المجلس، فمن بينهم من لن يقبل الإهانة والتجاهل وعدم الجدية في تناول الأمور، وسيعيد الصاع صاعين أو أكثر.

فاحترسوا يا حكومة.

د. ناجي سعود الزيد
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.