هناك «تمرد» خلف الكواليس في أوساط الحكومة والبرلمان الجديد، والثاني رد فعل على الأول ويمكن رؤيته من خلال عدد من المؤشرات، أبرزها أن هناك نفسا حكوميا بتجاهل هذا المجلس وفي بعض الأحيان السخرية من أعضائه والتندر بهم، وقد كان هناك أكثر من حادثة على هذا الصعيد، وربما يضاف لهذا النفس الحكومي محاولة أحد الوزراء الحصول على تنازلات في مشروع تنموي على خلفية أن أعضاء المجلس لايحق لهم الاعتراض لضعف في البنية الشعبية.
التمرد الحكومي ليس في اتجاه واحد كما يبدو لي بل في اتجاهين، وهو ليس بعيدا عن مرسوم الصوت الواحد، وليس بعيداً أيضا عن طبيعة التركيبة الحكومية، وقد عبر عن نفسه بالتجاهل لكل ما يطرح وربما تجميد بعض المشاريع أو ما تبقى منها، وليس مفهوما فيما إذا كان يريد هذا التمرد تحفيز الشارع ودعمه في اتجاه معين، أو إرسال رسالة محدودة للتفاوض على شروط أفضل على صعيد التركيبة تحديدا.
التمرد البرلماني حتى الآن في طور التسخين ولم يتمكن من العثور على الطريق الذي ينبغي أن يسلكه وخاصة أن هناك تجربة سابقة يمكن أن تنتقل تبعاتها إليه إذا سلك نفس الطريق، وكل ما يستطيع فعله الآن كما يبدو لي هو الإبقاء على أجواء التسخين كما هي دون تبني أي خطوة فعلية كرسالة للحكومة وغير الحكومة أن الوقت ليس في صالحهما وأن الحديث عن أبعاد شعبية لا ينبغي أن يحمل لمثل ذلك المجلس و«يعير» بها فالمسؤولية في ذلك لا يتحملها هو.
التمردان الحكومي والبرلماني يمكن السيطرة عليهما والتحكم بهما وجعلهما في الحد الأدنى الذي يضمن بقاءهما حتى نهاية الفصل التشريعي إذا ما كان هناك مبادرات جراحية تضع في اعتبارها حسم التناقضات الجذرية في أوساط الحكومة، وربما تعويم البرلمان بمشروع أو مشروعين شعبيين، فهما بحاجة ماسة للحسم والتعويم، ودون الخيارين من الصعب توقع استمرارهما إلى نهاية الفصل التشريعي إلا إذا حدثت معجزة.
البرلمان الحالي ولد في ظروف استثنائية ويفترض مراعاة تلك الظروف، وخاصة أن الجميع كان يعرفها مسبقا، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يدير المعنيون ظهورهم لهذا المجلس من خلال رفع شعار «إمساك العصا من المنتصف» وأن يسمحوا للتمرد الحكومي بالسير أبعد مما وصل إليه حتى الآن، فالتمرد البرلماني إذا خرج عن الإطار الذي مازال فيه يمكن أن يكون قاسيا وأكبر من أن يتصوره البعض وستكون له تبعات كبيرة أيضا في ظل الأجواء الحالية.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق