كان عام 2012، الذي رحل للتو، عاماً حافلاً بالأحداث المثيرة والتغيرات والتطورات غير المتوقعة على الصعيد الدولي، وكان عاماً مثيراً جداً حفل بإعادة ترتيب الكثير من الخيارات والأولويات في مناطق عدة من العالم من أهمها الشرق الأوسط.
والكويت، المعروفة تقليدياً في العالم كله بحنكة قيادتها ورصانة دبلوماسيتها، مارست خلال هذا العام أنشطة إيجابية كبيرة، وحققت نجاحات رائعة، عزّز ذلك الدور الكويتي المعروف في الحفاظ على وقار وحصافة سياستها الخارجية التي تتميز بابتعادها عن الضجيج والتبجح اللذين يمارسهما مراهقو السياسة من الطامحين للجلوس في مقاعد الصفوف الأولى على مسرح السياسة الدولية.
وما كان ملائماً في مرحلة ما، فإنه لا يكون مناسباً في كل المراحل.
هذه هي السياسة فن الممكن، وهذه هي الدبلوماسية بأدواتها المرئية وغير المرئية في التعامل مع الزمان والمكان بإدارة وحصافة ورؤية.
وإذا كان لنا أن ننظر بسرعة عبر الشهور الاثني عشر الماضية عبر نافذة السياسة الخارجية للكويت، فإننا لا بد أن نشاهد النجاحات الدبلوماسية الكبيرة والإنجازات المهمة والحضور المميز.
دور كويتي نشط هادئ وتصالحي في جميع مؤتمرات القمم الخليجية والعربية والآسيوية ينعكس بالأهمية والفعالية ذاتهما في جميع المؤتمرات الوزارية، سواء التي تسبق عادة تلك القمم أو تلك المستقلة عنها.
دور الكويت كان، وما زال، فاعلاً ومؤثراً ومطلوباً في اللقاءات والمشاورات الخلجيية والعربية والدولية، المتعددة الأطراف أو الثنائي منها.
هذا الدور المتميز كان، وما زال، يحظى بإلهام وتوجيه من عميد الدبلوماسية العالمية سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح، حفظه الله ورعاه، وبفعالية في الأداء والحضور الهادئ والراقي لوزير الخارجية معالي الشيخ صباح الخالد وزملائه ومعاونيه في الوزارة الذين أرفع لهم القبعة تقديراً لمهنيتهم العالية وأدائهم المميز ونشاطهم الراقي.
إن الإنجازات الدبلوماسية لا تتحقق من خلال ممارسة ارتفاع الصوت، الذي تضج به ومنه ميكروفونات عدد كبير من دول العالم الثالث، بل بالجهود المتواصلة والحوار العميق والتعرف على مكامن المصالح المشتركة واكتشاف مواطن الشراكة للأطراف المتحاورة.
إن التفتيش عن المزيد من الأصدقاء والمحافظة على الصداقات المتوافرة كانت، وما زالت، سمة رائعة للسياسة الخارجية الكويتية. ذلك، أن الكويت اليوم تحتفظ بشبكة كبيرة من العلاقات الطيبة في جميع أنحاء العالم يحسدها عليها الكثير من الدول القريبة والبعيدة.
اعتبر أن بوابات الصداقة والتعاون، التي فتحت على مصاريعها للكويت خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً في منطقة البلقان، تعتبر تعزيزاً للحضور الكويتي العريق في تلك المنطقة التي تعتبر الجسر الجغرافي والحضاري بين الشرق الأوسط وأوروبا.
في العام الجديد نحن على ثقة في أن هذا الحضور الفاعل والهادئ سيتعزز، خصوصاً أنه سيشهد انضمام البعض من دول المنطقة الى الاتحاد الأوروبي، والبعض الآخر سيتسلم موعداً للانضمام القريب إلى تلك المنظومة السياسية الأهم هناك.
د. ياسين رواشده
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق