عبداللطيف الدعيج: سلطات الأمير الدستورية شأن عام

حرية الرأي كانت ولا تزال مستهدفة من قبل الكثيرين، ومن كل الاتجاهات والاطراف، اي ان لدينا عداء يفوق الحد تجاه حرية الرأي في المجلس المبطل، على سبيل المثال حرص نوابه اول ما حرصوا على تغليظ العقوبات ضد من يعبر عن رأيه في معتقداتهم وحتى «خزعبلاتهم»، وتطاولوا على الحقوق والحريات لدرجة انهم سنوا قانونا يعاقب بالاعدام من يتطاول او حتى يرتكب خطأ عابرا بحق ما يؤمنون به.

في المجلس الحالي، النواب الذين يدعون المدنية يحاولون الآن تغليظ عقوبات من يتطاول على حقوق الامير او سلطاته او يعيب في ذاته. ولا يكتفون بهذا فقط، بل هم يوسعون الجرائم ويتدخلون في النوايا ويضيفون كل وسائل التعبير، بحيث تشملها العقوبة.

ان المادة 25 من قانون الجزاء التي تعاقب من يتعرض لحقوق الأمير أو سلطاته ليست كافية وحسب، بل هي في نظرنا غير دستورية، والاحرى بنواب المجلس الحالي ان يسعوا الى الغائها وليس الى تغليظ عقوباتها. خصوصا انهم توسعوا في التهم لتشمل الغمز واللمز وكل ما يمكن لـ «السلطة» – في حالة تمكن الغشم منها – الى ان تفسره على انه تطاول على الذات الاميرية.

قبل سنوات رسم زميلنا عبدالوهاب العوضي كاريكاتيرا بعد هبوط اسعار النفط يصور الانسان العربي باسنان من براميل النفط وهي تتساقط من فمه. بعض المسؤولين في الاعلام والديوان الاميري توسعوا في التفسير واعتبروا ان «الشخص» الذي في الصورة هو المرحوم ولي العهد في ذلك الوقت الشيخ سعد، وان العوضي يغمز ويهمز في الشيخ سعد. طبعا حدث هرج ومرج وتم استدعاء الزميل العوضي ورئيس التحرير الى كل مكان، اخيرا اقتنع المشككون ومن «راحوا بعيد» ان المقصود في الكاريكاتير الامة العربية كلها التي فقدت قوتها او اسنانها التي تهدد بها بعد ان اصبح النفط في سعر التراب. (وصل الى اقل من تسعة دولارات).

لو ان قانون الجماعة الحالي موجود وقتها، ولو ان المبالغة الحالية أيضا من قبل «الداخلية» و«الإعلام» وحتى النيابة في حماية الذات الاميرية موجودة في ذلك الوقت لكان الزميل العوضي لا يزال في السجن على امر لم يخطر بباله على الاطلاق.

ان المطلوب الغاء المادة 25 من قانون الجزاء التي تعاقب من يطعن في حقوق الامير وسلطاته. فالأصل ان الامير يمارس سلطاته من خلال وزرائه، والأصل ان امور البلد العامة في النظام الديموقراطي هي شأن عام لاهله ولا يجوز حرمانهم او الحول بينهم وبين مناقشة او حتى نقد ما يعتقدون انه خطأ او غير مناسب منها، سواء صدر مباشرة من رئيس الدولة – المصونة ذاته – بحكم سلطاته الدستورية او بشكل غير مباشر عبر حكومته او وزرائه. ذات الامير هي التي صانها الدستور، اما حقوقه وسلطاته العامة فاننا نعتقد ان الافضل ان تبقى شأنا عاما مرتبطا بمعيشة الناس وسلوكهم وليس له علاقة مباشرة بالامير. لو طبقنا المادة 25 بحذافيرها هذه الايام لوضعنا على سبيل المثال كل من اعترض على مرسوم الصوت الواحد من المواطنين في السجن!!! اذن ماذا بقي من الديموقراطية والدستور اللذين يتشدق بهما كل طرف في الكويت؟!! اننا نطالب نواب المجلس الحالي ان كانوا جادين في طروحاتهم السياسية وفي اصرارهم على احالة القوانين التي يعتقدون انها مخالفة للدستور للمحكمة الدستورية، ان يبدأوا بالمادة 25 المذكورة، فهذه المادة مخالفة لروح النظام السياسي وفيها حجر عام على مجمل الحريات وليس لها علاقة البتة بالمادة الرابعة والخمسين من الدستور التي تصون ذات الامير وليس سلطاته واختصاصاته التي من المفروض ان تبقى رهن النقاش وعرضة للتطوير والتغيير.. خصوصا انها حسب تاريخها اقرت عام 1970 وفي تلك السنة لم يكن لدينا مجلس امة منتخب من قبل الشعب الكويتي.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.