صالح الغنام: “إلا البراك وإلا فلا”!


خارج النص
المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية, هي الجهة الوحيدة التي تصيب المرء بدوار البحر-رغم وجوده على البر – لمجرد قراءة بياناتها المالية وأخبار خسائرها الفادحة. حصل لي هذا سابقا, حين تولت الزميلة وضحة المضف ملف التأمينات, وأخذت
تنشر العديد من خبايا وخفايا هذه المؤسسة العتيدة. ولخشية أتباع التكتل الشعبي من تأثر الناس بكتابات المضف, حاولوا استمالتها, بكتابة مقالات تفيض بمدحها والثناء عليها, ولكنهم لم يجدوا في الزميلة “طب”, فبعد أن منعت الصحف الورقية نشر كتاباتها, راحت تنشر مقالاتها التنويرية في المواقع الإلكترونية. ثم أصابني دوار البحر مجددا, وأنا اقرأ لزميلنا المشاغب الأستاذ صلاح الهاشم, مقالتين كتبهما الأسبوع الماضي في الزميلة “الكويتية”.
الغريب أن الزميل الهاشم, ضمن مقالتيه تفاصيل موثقة وشكاوى وملاحظات لديوان المحاسبة, وكشف عن معلومات خطيرة ومثيرة, ومع ذلك لم يتفاعل معه أي مسؤول في الدولة, أو أي من نواب الأمة. طبعا الزميلة وضحة المضف عانت سابقا من هذا التجاهل, ولكنني أشير تحديدا إلى مقالات صلاح الهاشم, كونها الأحدث.
الأغرب من هذا, أن النائب رياض العدساني (بالمناسبة, توني مادحه من أسبوعين), أكد في سياق مغاير, وجود خسائر دفترية في المؤسسة بلغت مليارا و 800 مليون دينار, ومع ذلك, هو يستغرب(لاحظوا) يستغرب عدم التحقيق مع الشخص المعني ومحاسبته, ويستغرب – للمرة الثانية العدساني يستغرب – من عدم تحفظ الجمعيات العمومية للشركات على مؤسسة التأمينات. ثم أنهى العدساني سلسلة استغرابه, بمناشدة وزير المالية التدخل لحفظ أموال المتقاعدين! “رياض… وايد تعبت نفسك, شوي شوي على الحكومة”.
المشكلة في إثارة قضايا الفساد, أن الناس استقر في وجدانهم, أن أي قضية لا يتبناها النائب مسلم البراك, فهي قضية خاسرة, أو هي معفية أو خالية من الفساد. هم يعتقدون بهذا, رغم أن الكثيرين سبق وأوضحوا أن البراك متخصص فقط بقضايا الفساد في الجهات التي يكون على رأسها مسؤولون من شريحة معينة, وهو يغض البصر عن كل جهة يلعب فيها أحد أبناء عمومته, أو أي من المنتمين للقبائل المؤثرة في المجلس. ويكفي كدليل طازج, فضيحة الرشوة التي تحقق فيها حاليا شركة “سيمينز”, فهو لن يجرؤ على تبنيها أو طلب تشكيل لجنة للتحقيق فيها. وللإنصاف, البراك لم يخدع أحدا, فهو كاشف رأسه ويقدم نفسه كمكافح لفساد شريحة محددة, وإن كان هناك لوم, يجب أن يوجه الى بقية النواب, الذين لهم مثل ما للبراك وعليهم مثل ما عليه, ومع ذلك, هو يوقف البلد على رجل واحدة في أي قضية يثيرها, بينما هم يكتفون بالاستغراب والمناشدة! “شرايك فيني بوحمود? اليوم مادحك”!
salehpen@hotmail.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.