يصعب الحديث عن الاتفاقية الأمنية الخليجية ما لم تنشر بالكامل، أو على الأقل تنشر خطوطها الرئيسية ليتمكن القارئ من التعرف عليها..
وكون الحكومة متحفظة جداً في الافصاح عما تحويه الاتفاقية، فعليها الا تستغرب ايضا ان هذا الحرص الزايد يثير الشك والريبة في محتواها، علما بأن ما تسرب من بنودها حتى الآن مطبق حالياً.. ولا يحتاج إلى نصوص اتفاقية أمنية!
وبرغم الضجة المثارة حول وصول الربيع العربي لدول الخليج، فان ما يحدث في دول مجلس التعاون من احتجاجات وتظاهرات وغيرها من المطالبة بالحريات والانفتاح على الرأي والرأي الآخر، تتم تحت مرأى ومسمع الجميع، وتبقى ضمن الخلافات التي يحكم بها القضاء خصوصا في الكويت.. نعم هناك ظلم وبطش وارهاب في دولة أو اخرى من دول مجلس التعاون، ولكن «بعض الحكمة» ساد وتم احتواء بعض المطالب وتمت تلبيتها وبالامكان التفاوض حولها.. ومعظم دول الخليج بدأت تدرك مدى اهمية الانفتاح والمزيد من الحريات، فلا أهمية للقمع بعد ان اصبح العالم بأسره قرية صغيرة بالتطور الهائل لوسائل الاتصال الالكتروني، والتطور الاكثر أهمية في الوسائل الاعلامية وتوسعها لا يتيح لأي نظام كان اخفاء أي معلومات تهم الشعوب، ولا يمكن لأي نظام ان يعزل شعبه عما يدور حوله في أي منطقة في العالم.
حكام الخليج حباهم الله بشعوب معظمها موالية لنظام الحكم، ولكي يبقى هذا الولاء يجب ان تكون الثقة متبادلة وعدمها امر خطر، وما يبدأ بزوبعة قد ينتهي بطوفان. وما يتم اخفاؤه سينكشف حتماً بطريقة أو باخرى..
لذلك عندما ينشر خبر في الكويت (القبس يوم أمس) بأن جلسة مجلس الامة لمناقشة الاتفاقية الامنية ستكون سرية، فان مثل هذا الخبر يقف حجر عثرة امام الايمان بحقيقتها واهدافها.. فإذا كانت الحقيقة هي الاستقرار وان كانت الاهداف تصب نحو تحقيق ذلك، فلماذا السرية؟! فالكل ينشد الاستقرار حكومة وشعباً!
كما ان من واجب نواب الأمة المراقبة والتشريع، فان من واجب الحكومة ان تبدأ صفحة جديدة بنبذ السرية وإعلان الامور كما هي، إلا في ما يتعلق بالأمن الوطني، وحتى ذلك سيكون محل غموض في تفسير ما هو «أمن وطني» وما هو غير ذلك.
جلسات المجلس يجب ان تتم بعلنية مطلقة، وهذا سيساعدنا في معرفة وتقدير واحترام من يستحق ذلك من نواب ووزراء، وسنقف مع ما يساعد على استقرار الكويت وحمايتها لنا وللأجيال القادمة التي بدت خائفة وغير مطمئنة على مستقبلها في خضم الاشاعات.
سرية الجلسات كما تم سابقاً وهم، فليس هناك مجتمع مثل المجتمع الكويتي يتمتع بمهارة تناقل الاسرار، فالحكومة «مشخال» وبعض النواب بقصد ومن دون قصد يمثلون شباك صيد «تخر» ليس الاسرار فقط بل أبو الاسرار، ومن خبرتنا كشعب بهذه الاسرار فانها تثير الشكوك والقلاقل وتزرع عدم الثقة في الطرفين.. والكويت ليست بحاجة لذلك!
د. ناجي سعود الزيد
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق