عبداللطيف الدعيج: سجنوا الناس كلها

لسنا معنيين كثيرا بمشروع قانون بعض نواب المجلس الحالي القاضي بمعاقبة من يهمز او يغمز بحقوق الأمير وسلطاته. فلا نعتقد ان المجلس او حتى الحكومة ستمرره، او ان حضرة صاحب السمو سوف يصدق على هكذا قانون. لكننا معنيون بالقانون الاساسي الذي يسعى بعض نواب المجلس لتغليظ عقوباته. وهو القانون رقم 31 لسنة 1970، والذي تحظر المادة 25 منه المساس بحقوق الامير وسلطاته.

قبل الاسترسال في الامر يجب التفرقة بين الامير، رئيس الدولة، وبين حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، امير دولة الكويت الحالي. هذه التفرقة هي التي تقرر الفرق ايضا بين الامير رئيس الدولة صاحب السلطات والاختصاصات الدستورية وبين ذات الامير وشخصيته الفردية. لقد حدد الدستور ان الامير هو رئيس الدولة وذاته مصونة لا تمس ولقبه «حضرة صاحب السمو امير الكويت». لكن المذكرة التفسيرية وقبلها الدستور نفسه استخدما لقب «الامير» حاف عند الاشارة الى رئيس الدولة وسلطاته. اي لم يتقيدا باللقب الدستوري الذي ألزما الغير به. والسبب هنا واضح وبيّن، وهو لان الحديث والاشارة في الدستور والمذكرة التفسيرية هما للامير ـــ اي امير، سابق او حالي او قادم ـــ صاحب السلطات والاختصاصات الدستورية، وليس الى ذات الامير نفسه.

ان الامير رئيس الدولة، وهو الذي يهيمن على السلطات الثلاث هنا، فلا يصدر قانون من مجلس الامة وينفذ الا بعد تصديقه عليه، وهو الذي يدعو المجلس للانعقاد ويفض دور انعقاده، بل يملك ايضا حله واعادة انتخابه. وهو الذي تصدر المحاكم احكامها باسمه وتحت رعايته، ناهيك عن انه الذي يختار الوزراء الذين يصبحون مسؤولين امامه مباشرة عن اعمالهم.

اذا كان الامير يملك كل هذه السلطات فكيف نحصّن نحن حقوقه وسلطاته كما فعلت المادة 25 من القانون رقم 31 لسنة 1970، التي يحاول بعض اعضاء مجلس الامة الحالي تغليظ عقوبتها؟! اذا طبقنا هذه المادة بحذافيرها فنحن لا نملك اذا ان ننتقد اي وزير لانه معين من قبل الامير وان الامير يمارس سلطاته من خلاله. كما ان انتقاد او مناقشة اي حكم قضائي سيكون مجرما لانه صادر باسم الامير. حتى القوانين ستكون مناقشتها او الاعتراض عليها جرما بوصفها مصدقة من الامير.

ان المادة 25 من القانون 31 لسنة 1970 غير دستورية. ونتحدى اي طرف لتطبيقها لانها ستعني إلغاء النظام الديموقراطي برمته. فلا احد سينتقد وزيرا او يعترض على سياسة او يبدي رأيا في حكم قضائي، فكل هذه هي حقوق وسلطات اميرية حرمت المادة 25 التي اصدرها مجلس أمة مزوّر المساس بها.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.