طالب المشاركون في الحلقة النقاشية التي نظمها مكتب «انماء» الاجتماعي امس الاول تحت عنوان «العنف في الشارع الكويتي واسبابه وطرقه» بتشكيل لجنة وطنية لتجسيد الهوية والقيم الكويتية لتكون بديلا عن «لجنة الظواهر السلبية».
وأوصت الحلقة في ختام اعمالها بالتعاون في عمل وطني مشترك بين جميع المؤسسات التربوية والقانونية والاجتماعية لمواجهة تلك الظاهرة وتأكيد مفهوم المسؤولية الاجتماعية من خلال الواجبات والحقوق، واستحداث برامج لتنمية المهارات الحياتية والعمل على ضمان العدل والمساواة في اقرار وتطبيق السياسات الاجتماعية، ومواجهة مشكلة انتشار الاسلحة وتغليظ عقوبات حيازة السلاح، وتكثيف الحملات التوعوية والموجهة للاسر والاطفال والشباب باستخدام وسائل قريبة للجمهور المستهدف، وتفعيل منظمات المجتمع المهني للقيام بدورها في مواجهة المشكلات في مواجهة المشكلات، وتوحيد الحوار المؤسسي (الرسمي والشعبي) لإبراز المبادئ الاخلاقية والقيم الاجتماعية والدينية الداعية للاعتدال والتسامح، ووضع قوانين او تشريع القدرة لها على مكافحة العنف وتكون ملائمة للمتغيرات بمسرح الجريمة، والحزم في تطبيق القوانين بحيث تكون بعيدة عن «الواسطة»، ازدياد دور الرقابة الاسرية في قضية التنشئة الاجتماعية الصالحة والذي بدورها تؤدي الى تقوية الرقابة الذاتية، وازدياد حملات التوعية وخاصة الاعلام الامني والاهتمام بتبصير الناس بكيفية التصرف والتقليل من سلبيتهم في هذه النوعية من المواقف، وانشاء فريق عمل متكامل وخطة تدخل سريعة من الجانب الامني، وتكثيف الحلقات واللقاءات التثقيفية في هذا الموضوع وورش العمل، وتكوين مجاميع شبابية للانتشار بين الشباب لمحاربة هذه الظاهرة.
وقال مدير ادارة العلاقات العامة والتوجيه المعنوي ومدير ادارة الاعلام الأمني بالانابة العقيد عادل الحشاش ان ظاهرة العنف ألقت بظلالها على المجتمع وباتت تشكل هاجساً أمنيا ومجتمعياً مشيرا الى ان وزارة الداخلية اول من دق ناقوس الخطر ودعا الى تدارك الموضوع قبل استفحال ظاهرة العنف بالشكل الذي وصلت اليه لافتاً الى ماتم عقده من اجتماعات وجلسات عمل مع العديد من هيئات ومؤسسات المجتمع المدني نتيجة تطور وسائل الاتصال وتنوع الثقافات والاعلام المرئي والمسموع والمكتوب ومواقع التواصل الاجتماعي.
وألقى الحشاش الضوء على ماتقوم عليه التركيبة السكانية للكويت من تعدد في الثقافات والجنسيات وبالتالي تنوع العادات والسلوكيات وقيم دخيلة على المجتمع مشيراً الى غياب دور الأسرة والمدرسة وضعف الوازع الديني وأصدقاء السوء، وضعف الدور الرقابي للآباء والأمهات بالاضافة الى عدم وجود متنفس للشباب مما أوقعهم في مرمى المخدرات وافتعال المشاجرات لأتفه الأسباب.
وأضاف ان انتشار أدوات العنف وسهولة الحصول عليها ساهم في تحريض الشباب على التهور باستخدامها غير عابئين بخطورتها والآثار المترتبة عليها مشيراً الى جهود وزارة الداخلية وأجهزة الأمن وحرصها على جمع ومصادرة كميات كبيرة من تلك الأدوات التي يتم تهريبها ودخولها بصورة غير مشروعة داعياً كافة الأجهزة المعنية الى المزيد من الحرص والاهتمام لمنع تداول تلك الأدوات والآلات في أيدي الشباب.
وأكد ان ظاهرة العنف بين الشباب ليست بالكويت وحدها بل في شتى أنحاء العالم مما جعلها مشكلة تؤرق الكثير من الدول بعدما تسببت في حصد أرواح الكثير من الأبرياء لأتفه الأسباب نتجت عن سلوك عدواني وسوء تربية وغياب رقابة مشيراً الى ان الحل ليس في تكثيف الوجود الأمني أو وضع شرطي لكل مواطن موضحاً ان الحل يكمن في التزام واحترام للقانون وتوعية الشباب بقيمة الحياة والنفس البشرية وخطورة ان تزهق بأى تصرف خاطئ يؤدي الى هلاكها.
وحذر الحشاش من أصدقاء السوء باعتبارهم الدافع الرئيسي وراء ارتكاب الشباب حوادث العنف مشيراً الى دور وسائل الاعلام المؤثر والفعال في حماية الشباب من العنف وارتكاب المزيد من المخالفات والجرائم.
وشدد الحشاش على ما توليه وزارة الداخلية من اهتمام تجاه قضية العنف بين فئات الشباب من منطلق دورها الاجتماعي وذلك بالتعاون والتنسيق مع كافة الهيئات والمؤسسات الحكومية والأهلية من أجل التصدي لتلك الظاهرة وايجاد السبل الكفيلة للحد منها والتوصل الى مسبباتها ودوافعها.
وأشار الى دور الجهود البحثية والتي تعكف عليها أكاديمية سعد العبدالله للعلوم الأمنية وكلية الأمن الوطني والخبراء والمتخصصين والى ماتقوم به ادارة العلاقات العامة والتوجيه المعنوي وادارة الاعلام الأمني والشرطة المجتمعية من دورحيوي من خلال البرامج والمطبوعات والندوات والمحاضرات وورش العمل المتخصصة بكافة المناسبات من أجل تسليط الضوء على ظاهرة العنف وللحيلولة دون تصاعدها وانتشارها مشيراً الى دعوة كافة الأطراف للمشاركة في لجنة اللاعنف والتي تم تشكيلها أخيرا وتضم كافة الهيئات والمؤسسات والجهات الحكومية والأهلية لبحث السبل الكفيلة لمحاربة العنف بكافة أشكاله وصوره.
اهتمام
ومن جهتها أكدت مدير عام مكتب الانماء الاجتماعي منى المسباح ان زيادة الاهتمام بقضية العنف جاء عقب الأحداث المجتمعية الأخيرة التي شهدها الشارع الكويتي وما صاحبها من مشاكل واشتباكات تخللها العنف واستخدام آلات الحادة كالسكاكين والسواطير، وهو الامر الذي لم يُعتد عليه في هذا البلد الآمن.
وأوضحت المسباح ان تلك الحوادث نتج عنها بعض المشاعر الممتزجة بالخوف والألم والحزن والأسى وفقدان الأمن لدى العامة من الناس الذين باتوا يفضلون مكوث ابنائهم بالمنازل عن الذهاب والترفيه في المجمعات التجارية، الظاهرة داعية الى وقفة حازمة وتدخل سريع من الجهات والمؤسسات المعنية بالدولة لدراسة تلك الظاهرة الطارئة والدخيلة على المجتمع.
أسباب
من جانبها قالت استاذة علم الاجتماع في كلية العلوم الادارية د.ملك الرشيد ان العوامل والأسباب الاجتماعية المنتشرة في الشارع الكويتي كبيرة، فلا نقلص النظر الى نظرية العنف المدرسي الذاتي والأسري والعنف في الشارع فقط مشيرة الى ان احصائية وزارة الداخلية تؤكد على ان %9 ارتفاع معدل الجريمة عام 2011 عن العام الذي قبلة 2010، وان هناك كل نصف ساعة جريمة أي ان هناك ما يفوق الـ19 الف حالة خلال الـ9 اشهر الاخيرة.
وأوضحت الرشيد ان الثقافة عملية تراكمية وهي عبارة عن سلوكيات تتطورمن الفرد الى الجماعة مشددة على ان الثقافة لا تنمو بمعزل عن الآخر فهي علاقة انسانية، مبينة ان عوامل العنف تشكل هي مجموعة متكاملة من الجذور البيولوجية والاجتماعية والنفسية والبيئية.
وتابعت ان الحوار والخطاب السياسي اتجه الى الاسفاف والتباهي بالخطأ، ففقدان الاحساس بالعدالة الاجتماعية وعدم العدالة وتوزيع الثروات القومية خاصة في الكوادر الاخيرة في الرواتب اعطى الشعور بالظلم الذي خلق بدورة العنف.
وأكدت الرشيد على ان العنف في الأماكن العامة يبدأ من المدرسة وهو التنمر أي (التطنز او المعايرة)، كما تطرقت الى العنف لعدة دوافع منها العنف لدوافع سياسية أو دينة او طائفية، مشدة على ان الشباب لو كان لدية الانتماء للوطنية الحقة والانتماء الى الوطن الاكبر لن ينتمي للطائفية او القبلية.
بدورها أكدت مديرة ادارة شؤون الارشاد النفسي والاجتماعي والمعالجة النفسية في مكتب الانماء الاجتماعي د.وفاء العرادي على ضرورة تضافر كافة الجهود في سبيل تقليل ظاهرة العنف معرفة اياه بأنه سلوك يتسم بالعدوانية يصدر عن فرد أو جماعة وهو تعبير صريح عن العداء كما تصنفه بعض الدراسات على أنه شكل من أشكال الرفض.
وتابعت العرادي ان أغلب من يقوم بأعمال العنف هم من يعانون من اضطرابات في شخصيتهم ويعيشون حالات من التناقض والتي يكون من الصعب اكتشافها، كما ان هناك أشخاصا يعانون من حالات نفسية تحول لديهم أيضا الى اضطرابات وغالباً ما تولد العنف كالحرمان العاطفي، وحب التملك وغياب القيم والمبادئ الذاتية التي يجب ان تكون الأساس في التربية.
وشددت العرادي على أهمية التنشئة الأسرية والتي يجب ان تقوم على التسامح والأخلاقيات لا ان يقوم الأهل بتربية اولادهم على العنف والضرب مشيرة الى ان معظم مرتكبي أعمال العنف هم ممن نشأوا في منزل فيه عنف أصلاً.
ونبهت العرادي الى السلبية الموجودة لدى الناس في التعاطي مع الأحداث التي تدور حولهم، وأصبحوا يألفون بشكل أو بآخر منظر الدماء على الرغم من خوفهم من السلاح.
وقالت ان ما يشجع على ألفة هذا المنظر هو جعل الدم مشهدا طبيعيا ولم يعد يقتصر استخدام الضرب والدم على الأفلام والمسلسلات بل أصبح الأطفال يتعلمونه من خلال الألعاب الالكترونية لا بل يتقنون الفنون القتالية من خلال هذه الخدمات التي أصبحت بمتناول يدهم في كل الأوقات ومن سن مبكرة.
من ناحيته قال مدير مركز التطوير والتدريب المحامي محمد ذعار العتيبي ان العنف هو تعبير عن القوة الجسدية التي تصدر ضد النفس أو ضد أي شخص بصورة متعمدة أو ارغام الفرد على اتيان هذا الفعل نتيجة لشعوره بالألم بسبب ما تعرض له من أذى، موضحا العنف أنواع وهي العنف ضد المرأة، والعنف ضد الأطفال، والعنف الطلابي بالمرحلة الجامعية، وانتشار البطالة وعدم توفير فرص العمل، بالاضافة الى العنف النفسي.
وأكد العتيبي ان العنف الأسري هو أشهر أنواع العنف البشري انتشارا في الوقت الحالي، لاسيما وأننا لم نحصل بعد على دراسة دقيقة تبين لنا نسبة هذا العنف الأسري في المجتمع الا ان اثاره بدأت تظهر بشكل ملموس على السطح مما ينبئ ان نسبته في ارتفاع وتحتاج من كافة أطراف المجتمع التحرك بصفة سريعة وجدية لوقف هذا النمو واصلاح ما يمكن اصلاحه
المصدر “الوطن”
قم بكتابة اول تعليق