من المفارقات العجيبة في هذا البلد أن هناك قوانين تترك حتى يتراكم عليها غبار الزمن بسبب نسيانها وعدم المبادرة لتطويرها لتتلاءم مع تطورات الحياة وما يصاحبها من تداعيات.. وما إن تقع مصيبة أو كارثة أو حدث حتى تقلب رأساً على عقب دون تأن في الدراسة… فالقوانين التي تتعلق بكل فئات المجتمع يجب أن يدرس تعديلها في ظروف طبيعية، وبعيداً عن التشنجات وردود الأفعال المتطرفة.
قضية الاغتصاب الجماعي لطالبة هندية في نيودلهي، والتي توفيت بسببها هذه الطالبة، نقلت إلى محكمة تسمح بتسريع التحقيق بالحادث بسبب انفجار الغضب في جميع أنحاء الهند من الاعتداءات وجرائم الاغتصاب التي تحدث دون معاقبة مرتكبيها… وبدأت اليوم المحاكمة… وهذا بحد ذاته إنجاز في المجتمع الهندي الذي كان غالباً ما ينسى قضايا الاغتصاب قبل أن يسمع أحكامها.
في الكويت وبسبب حادث مقتل الشاب في الأفنيوز على يد بعض الشباب المتهور وعلى مرأى ومسمع من آلاف البشر في موقع الجريمة، غضبت الكويت عندما خافت بسبب تداعي الأمن فيها… وحين انفلتت الاعتداءات بأشكالها المختلفة على يد شباب متهور وباستخدام آلات حادة وهو ما تنقله وسائل الإعلام لنا يومياً.. فنفاجأ بأن اللجنة التشريعية البرلمانية في مجلس الأمة تبحث مع وزارتي العدل والداخلية تعديلات على قانون الجزاء لتغليظ عقوبة من يستخدم آلة حادة بغرض السرقة أو المشاجرة والتي قد تصل إلى الإعدام للجاني، وإن لم يمت المجني عليه.
وكما قال عضو المجلس نواف الفزيع إن مقترح «هذه العقوبة التي ترى الحكومة أنها تتماشى مع الأوضاع غير المعقولة التي نمر بها وتكرار أحداث القتل بالآلات الحادة»، قد تحفظت اللجنة التشريعية عليه… لأن القوانين الحالية تتدرج بالعقوبة وتفي بالغرض.. وأنا هنا أشيد بهذا الموقف واتفق معه تماماً.
المشكلة عندنا في الكويت ليست بتغليظ العقوبات بل بتطبيقها وعدم تأخير بتها.. خصوصاً إذا كان رد الفعل عليها واسعاً كما حصل في جريمة الأفنيوز… كما أن بحث تعديل أي قانون يجب أن يتم في ظروف عادية حين تكون المشاعر هادئة وغير متشنجة وغير متطرفة للحيلولة دون إجراء تعديل غير موضوعي، بل يتماشى مع الظروف غير الطبيعية التي طلب فيها التعديل، خصوصاً إذا ما عرفنا أن القوانين تكون دائمة وتطبق في ظروف مختلفة.
إعدام لمن استخدم أداة حادة في السرقة ولم تؤد الحادثة إلى مقتل أحد!.. إذاً، ماذا تركنا لمن ترصد وتربص لقتل إنسان وقام بذلك أمام الملأ وبكل وحشية… هل يكون الحكم عليه على الأقل على الأقل إعداماً؟
يا جماعة مشكلتنا في الكويت هي عدم التطبيق وليس تغيير القوانين بشكل عام.. مشكلتنا الواسطة وأنا انخاك… وأتوسل اليك وأطلب منك.. وهذا ولدنا، وهذا بني قبيلتنا، وهذا من طائفتنا.. وهذا من ربعنا، وهذا ولد أوادم… وهذا وراه ظهر وهذا وهذا وهذا.
إقبال الأحمد
Iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق