استمراراً لثقافة الاقتحام والاتهام التي سنتها المعارضة الجديدة، والتي تبناها مع الاسف الكثيرون منا من مختلف الاطراف والاتجاهات. واستمرارا لمقال الامس ايضاً، فان السيد وزير المواصلات ينضم أو هو يتصدر المقتحمين للخصوصيات والمتعدين على حقوق الغير من دون سند أو دليل أو قانون، عندما يعلن بأن وزارته ستبدأ بمراقبة مستخدمي المواقع الاجتماعية وبالذات «التويتر»، وسوف تتعاون مع شركات الانترنت لمنع واغلاق الحسابات التي تتعارض أو تتعدى على المصلحة الوطنية حسب الزعم.
ليس هناك قانون، وليس من المفروض ان يكون، يبيح للسيد وزير المواصلات «الحكم» على نشاط بعض المواطنين وإصدار قرار يتم بناء عليه معاقبتهم أو حرمانهم من استخدام احدى خدمات أو مزايا الانترنت من دون بقية عباد الله! الوزير هنا اصبح مثل المعارضة الجديدة هو الخصم والحكم والجلاد ايضا.
حتى لو احسنَّا النية، وحتى لو تغاضينا عن القوانين والمواد الدستورية والمبادئ الديموقراطية التي تمنح المواطنين حرية التعبير والنشر، لو احسنَّا النية وغضضنا النظر عن مخالفة الوزير وشركات الانترنت لكل ذلك، يبقى السؤال الأساسي: من الذي يحدد ما يصلح أو ما لا يصلح..؟ أو حسب تصريح الوزير ما يتوافق والمصلحة الوطنية وما يتعارض معها؟
نحن في بلد ديموقراطي كفل حرية التعبير للجميع، أو هكذا المفروض، تصريح الوزير الذي اعلن فيه ان وزارته هو، وحدها، ستتمتع منفردة بالحكم على المواقع الاجتماعية واغلاق حساب كل من تراه «مخالفا لقوانين الدولة»، كما جاء في احدى الجرائد نقلا عن الوزير، أو «يستخدم لزعزعة الامن واثارة النعرات» كما جاء في اخرى! تصريح مثل هذا يدفع طبيعيا للتساؤل عمن خول الوزير وحده هذا الحق، وماذا حدث للقوانين والمحاكم والقضاء الذي من المفروض ان يملك وحده، بناء على قوانين صادرة من مجلس الامة ومصدقة من الامير، ان يحدد من الباني ومن المخرب.. من انتهك قوانين الدولة ومن التزم بها.
سياسة الوزير الحالية تعني انه هو ومن معه يملكون الحق في حرية النشر والتعبير، وانه وحده وجماعته، ايَّا كانوا، من يستطيع ان يسمح للناس بالتعبير عن آرائهم أو يمنعهم… فهل نغير المادة السادسة لتكون: «نظام الحكم ديموقراطي..السيادة فيه لوزارة المواصلات»؟!
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق