بكل مرارة وحسرة.. قال لا وألف لا.. قطاع كبير من هذا المجتمع لن يقبل باقتراحك، حتى وإن كان بضوابط، لأننا والكل يعلم، ومن خبرات سابقة، ماذا سيكون حال هذه الضوابط لو تم الأخذ بالاقتراح المرفوض جملة وتفصيلا.
وصلتني رسالة من قارئ يحترق قلبه على بيئة بلده المدمَّرة، التي ما إن جاء من يفكر بها ليحميها وقطع شوطا إيجابيا في ذلك.. حتى علت الأصوات المدمرة الكارهة لصحة البيئة من أجل رعي جائر ومتعة ووناسة تدمر ولا تبني.
يقول «تعليقاً على اقتراح أحد أعضاء مجلس الأمة بفتح محمية صباح الأحمد للجمهور بضوابط! نقول لا، وألف لا، لهذا الاقتراح، بعد أن تم تدمير %90 من بيئة الكويت، وأصبحت قاعاً صفصفاً، يريدون أن يعبثوا بقطعة أرض جميلة بقيت لنا من الزمن الجميل الذي لن يرجع أبداً، للأسف البعض، ومنهم ممثلون للشعب، لم يستوعبوا إلى الآن معنى ومفاهيم الحفاظ على البيئة، منذ سنوات بسيطة قدّم أحد أعضاء مجلس الأمة اقتراحاً مماثلاً يدعو إلى فتح المحمية لترعى بها إبلهم وأغنامهم، يريدون أن يحرمونا من البقية الباقية من أرضنا الطيبة، التي كانت تزخر بأنواع عديدة من النباتات التي للأسف بعضها انقرض بسبب التعدي السافر والإساءات المستمرة من أعداء البيئة، وما أكثرهم، في هذا الزمن، ليعلم العضو المحترم أن هذه المحمية أنشئت بسواعد وجهود متطوعين من أهل الكويت الواعين، وعلى رأسهم الشيخة أمثال الأحمد الجابر الصباح، الذين ندعو لهم جميعاً بعظيم الأجر والثواب.. أدركوا قبل فوات الأوان أهمية إنشاء مثل هذه المنطقة لتكون الأمل الأخير في حفظ مكونات الغطاء النباتي لبيئة الكويت المتآكلة، وأيضاً الحفاظ على أنواع الكائنات المختلفة التي (كانت) تعيش في هذه البيئة، يقول لي أحد المسؤولين عن هذه المحمية إنه في إحدى المرات، وأثناء فصل الربيع، زارهم أحد كبار السن ممن كانوا يعيشون في صحراء الكويت، فرأى إحدى عشبات الربيع المنقرضة الجميلة، فأخذ يبكي تحسُّراً، وقال: تصدّق يا وليدي صار لي ستين سنة ما شفت هالعشبة!
يقول المسؤولون عن المحمية إن بركة المحمية بدأت تعطي ثمارها، فهي تغذِّي حاليا مناطق أخرى قريبة وبعيدة بكثير من أنواع بذور النباتات البرية المختلفة حتى وصل بعض أنواعها إلى المنطقة الجنوبية من البلاد، بالإضافة إلى ذلك فإن جهود المخلصين المشرفين عليها ساعدت على توالد الكثير من الحيوانات التي لم نعد نسمع عنها إلا في قصص آبائنا وأجدادنا، كما أسعدنا قولهم إن المحمية باتت منطقة مفضلة لاستيطان الكثير من أنواع الطيور المهاجرة، لذلك كله نقول يا أخ يا عضو يا محترم، لن يقبل قطاع كبير من هذا المجتمع اقتراحك، حتى بضوابط! لأننا نعلم، والكل يعلم، ومن خبرات سابقة، ماذا سيكون حال هذه الضوابط لو تم الأخذ بهذا الاقتراح، ونتمنى أيضاً ألا يحظى بالموافقة من قبل لجنة البيئة في مجلسكم الحالي».
من المضحك أن يطلب الإنسان حماية شيء محمي أصلا.. وإلا فلمَ أطلقوا عليه اسم محمية؟! ولاشك أن التدمير ونوايا التدمير تقلب كل تلك الموازين، وتدعونا إلى طلب التدخل السريع للحماية.. لمكان ظل سنوات طويلة محميا بجهود جبارة ومتواصلة.. وعندما بدأت الجهود تؤتي ثمارها.. أطلّ علينا من يجهل ثقافة حماية البيئة.. ومنا إلى النواب الأفاضل الغيورين على بيئتنا المريضة.. للمبادرة بالتدخل السريع.
إقبال الأحمد
iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق