
أكد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير البلدية الشيخ محمد العبدالله أن المشروعات الصغيرة هي أرضية بناء أي اقتصاد قوي، منوها بأن العوائد الأكبر التي تأتي في الدول المتقدمة تأتي من الضرائب المحصلة من قطاع المشروعات الصغيرة. فيما شدد وزير التربية والتعليم العالي الدكتور نايف الحجرف على أهمية علاقة التعليم بالاقتصاد والاستثمار، معتبراً أن التعليم محور أساسي لأي تنمية سواء أكانت اقتصادية أو اجتماعية أو غيرها.
وخلال الجلسة الأولى من أعمال ملتقى الكويت الاستثماري تحت عنوان «المشروعات الصغيرة بين رؤية الدولة وتطلعات الشباب»، أكد الحجرف «في هذه الأيام نحن نحتفل بمرور 100 عام على انطلاق التعليم التنظيمي في الكويت، والذي شهد تطوراً كبيراً جداً بالنظر إلى بداية المسيرة التعليمية وتواضع بداياتها».
وأشار الحجرف إلى أهمية عنوان الجلسة، مؤكداً على قدرة الملتقى كي يكون جسراً بين تطلعات الشباب في المشروعات الصغيرة ورؤية الدولة، نظراً لأهمية قطاع المشروعات الصغيرة في أي كيان اقتصادي، وأن الكويت تسعى لتنمية هذا القطاع الذي لابد من وجوده قوياً لنمو أي اقتصاد.
وقال وزير التربية والتعليم العالي «نحن أمام تحديات كبيرة ولها أبعاد مختلفة، لعل أهمها هو التحدي الاقتصادي الذي من المفترض أن يبدأ من الفصل الدراسي، إذ تحتاج قيمة العمل لأن تُرسخ في المسيرة التعليمية في الكويت بفصولها الدراسية المختلفة»، لافتاً إلى ضرورة أن يكون هناك تجربة بجانب التعليم السليم، حيث إن للتجربة مع التعليم قيمة كبيرة جداً.
وأضاف «لدينا رؤية لتشجيع الشباب وتنمية قطاع المشروعات الصغيرة، ودائماً نحث الشباب على اتخاذ الخطوة وتأسيس مشروعاتهم الخاصة بهم»، مستطرداً «عندما تخرجت من الثانوية العامة كانت لدي رغبة لدراسة العلوم السياسية، وحينها قال لي والدي اذهب إلى التخصص الذي تستطيع أن تجد من خلاله وظيفة غير حكومية».
وأشار الحجرف إلى توقيع اتفاقية تعاون مع اتحاد الصناعات لتطوير مفاهيم العمل والصناعة للطلبة لتوضيح ما تحتاجه المصانع والمشاريع الصغيرة لتعزيز مفاهيم العمل في المناهج الدراسية، موضحاً أنه وفي ابريل المقبل سيتم انعقاد ملتقى مع الطلبة حديثي التخرج من الثانوية العامة أو ممن أوشكوا على التخرج من الثانوية العامة مع أرباب العمل لتحديد حاجة سوق العم ولمساعدة الطلبة في تحديد وجهتهم الدراسية الجامعية.
وأكد الحجرف أن المشروعات الصغيرة تدعم بكل قوة هذا المشروع، وذلك لأهمية هذا القطاع وقيمته بالنسبة للاقتصاد الكويتي.
الفضلي
وأكدت الوكيل المساعد للتنمية الاجتماعية الأستاذة منيرة الفضلي على أهمية الملتقى وخصوصاً الاهتمام والتركيز على قطاع المشروعات الصغيرة، والسعي لتغيير المفاهيم لدى الشباب بضرورة الاعتماد على أنفسهم وتأسيس مشروعاتهم. وأشارت الفضلي إلى بعض السلبيات والتحديات التي تعالجها المشروعات الصغيرة من الجانب الاجتماعي، مستطردة «وجود فرصة العمل المناسبة للشباب تقيهم الوقوع في الكثير من السلبيات الاجتماعية».
وأضافت الفضلي أن هناك الكثير من الفئات التي تتلقى مساعدات ودعم من وزارة الشؤون، لافتة إلى أن الوزراة تبنت ومنذ العام 2007 مشروع «من كسب يدي» لعدة فئات يتم دعمها من خلال تأسيس مشروعات صغيرة خصوصاً لتساعد هذه الفئات من خلال الوزارة.
وذكرت منيرة الفضلي «لو نظرنا إلى بعض الحلول التي تتطلع إلى الفكرة الشاملة الكلية، فمن الضروري أن يكون لدينا مناهج تؤسس لثقافة الاعتزاز من كسب اليد والعمل بشكل عام، وهذا هو دور المناهج التعليمية في ترسيخ هذه المفاهيم الإيجابية، وهناك أيضاً الكثير من الجهود لمؤسسات ووزارات أخرى ولكن هذه الجهود جهود متفرقة وليست موحدة».
وأضافت «وكذلك بالنظر إلى مشروعات الدولة المطروحة في المناقصات كلها مشروعات كبرى لا يستطيع الشباب أن يتقدم إليها، فعلى الدولة أن تراعي وجود عدد من المشروعات التي يمكن أن يستفيد منها صغار المستثمرين». كما أشارت إلى ضرورة تعزيز الثقافة العامة لدى المجتمع بضرورة وأهمية العمل اليدوي ودعم هذا التوجه من المجتمع، وكذلك الحد من استيراد السلع والمنتجات التي يمكن أن تنتجها المشروعات الصغيرة للشباب الكويتي.
بدوره، بدأ رئيس الجمعية الاقتصادية الكويتية طارق محمد الصالح مداخلته بالإجابة عن سؤال «لماذا المشروعات الصغيرة؟» قائلاً هناك عدة أسباب تجعل من المشروعات الصغيرة والمتوسطة قطاعاً مهماً جداً، خصوصاً لو نظرنا للدول التي تعتمد هذا النوع من المشروعات نجدها قد تأثرت بالأزمة المالية العالمية.
وأشار الصالح إلى أنه وبالنظر إلى الكويت واقتصادها هناك عدة معوقات وتحديات سواء على مستوى الميزانية العامة التي تعتمد بشكل كلي على النفط الذي يوفر 92 في المئة إلى 95 في المئة من إيرادات الموازنة العامة، إضافة إلى الزيادة المستمرة في بند راتب موظفي القطاع العام التي قفزت من 3 ملايين دينار في السنة المالية 1999/ 2000 إلى نحو 9.2 في 2011/ 2012.
وأوضح أن استمرار سيطرة الحكومة على النشاط الاقتصادي يقلل من فرص خلق وظائف جديدة، في وقت تحتاج فيه الكويت إلى خلق نحو 150 ألف فرصة عمل في عشر سنوات، الأمر الذي يحتم فتح الباب أمام القطاع الخاص للعب دور أكبر في الاقتصاد المحلي.
وشدد على ضرورة وجود تعريف محدد للمشروعات الصغيرة وفق معايير اقتصادية واضحة، سواء استنادا إلى قيمة رأسمال المشروع أو عدد العاملين فيه، مشيرا إلى عدة دول لها تجارب ناجحة جدا في قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مثل كوريا الجنوبية وماليزيا وتركيا.
من جانبه، أشار مدير المشروعات الصغيرة (برنامج إعادة الهيكلة) فارس العنزي إلى أن المشروع بدأ في عام 2001، مشيراً إلى تأكيدات حضرة صاحب السمو على أهمية العمل الشريف، منها تنطلق لتعزيز المشروعات الصغيرة.
وأشار فارس العنزي إلى معدلات السكان في الكويت وتوزيعها من خلال معدل نمو السكان، الأمر الذي يشير إلى خطورة يجب التعامل معها بشكل سريع، وكذلك أشار إلى سوق العمل وتوزيع نسبة الكويتيين والوافدين بنسبة 70 في المئة للوافدين، في مقابل 30 في المئة للمواطنين.
كما أشار العنزي إلى الأمن الوطني من خلال هذه «الاختلالات» في التوزيع السكاني وسوق العمل، وأيضاً في ما يتعلق بالاقتصاد فإن الاعتماد على النفط مسألة يجب إعادة النظر فيها، في إطار دعم المشروعات الصغيرة لتعزيز الاقتصاد.
وبالنسبة لمخرجات التعليم، فإن مخرجات التعليم لا تستطيع أن تتوافق مع احتياجات السوق، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في العملية التعليمية بشكل كامل.
وأشار إلى إنشاء مركز الميادين الذي يضم 9 جهات حكومية وخاصة لدعم المشروعات الصغيرة فنياً وإدارياً، وأيضاً إنشاء حاضنات الأعمال لفئات مختلفة في المجتمع، بالإضافة إلى توفير قاعدة بيانات، ومركز التدريب الذي سيقدم برامجاً تدريبية لمدة 30 يوماً تشمل كافة تفاصيل تأسيس وإدارة المشروعات الصغيرة مع إلزام مركز التدريب بعمل دراسة جدوى لمشروعات الشباب الذين تم تدريبهم، بالإضافة إلى إيجاد منافذ تسويقية وترويجية لمنتجات المشروعات الصغيرة، وكذلك توفر استشارات مجانية، وهيئة عامة إلى المشروعات الصغيرة.
من ناحيتها، قدمت مستشارة تطوير الأعمال بمجموعة الزلزلة وجيمي للاستشارات حميدة رحيمي عرضاً، تناولت فيه الهيكل الإداري لأي شركة وتفاوت نسبة الجوانب الفنية والبشرية، والهيكل الوظيفي وتركيبة الأعمال في المشروع الصغير ما بين مرحلة البحث والتطوير ثم مرحلة النمو في التشبع.
من جهته، أكد رئيس الجمعية الكويتية للمشروعات الصغيرة سلمان الخريبط أن الشباب هم عماد المجتمع والمحرك الأساسي لكل تقدم ونمو، كما أن الكويت تعتبر دولة شابة. كما أشار إلى أن مخزون النفط في الكويت يتناقص، والشباب الكويتي يدركون ذلك ويعونه، والكويت قد أولت اهتماماً كبيراً بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقد فتح صاحب السمو آفاق النمو للمشروعات الصغيرة ليس فقط على مستوى الكويت بل على مستوى العالم العربي.
الجلسة الثانية
وفي الجلسة الثانية التي جاءت تحت عنوان «عقبات امام المشاريع الصغيرة» وادارها استاذ الاقتصاد في جامعة الكويت الدكتور ابراهيم ميرزا، أكد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير البلدية الشيخ محمد العبدالله أن المشروعات الصغيرة هي أرضية بناء أي اقتصاد قوي، منوها بأن العوائد الأكبر التي تأتي في الدول المتقدمة تأتي من الضرائب المحصلة من قطاع المشروعات الصغيرة، لافتا الى أن التشريعات الموجودة في الكويت تحتاج إلى اعادة النظر فيها بعمق.
من جهته، عرض مدير قطاع التطوير والمعلومات في بلدية الكويت أحمد المنفوحي عدد من العقبات والمشكلات التي تواجه الشباب عند تأسيسهم مشروعاتهم الصغيرة والمتوسطة، ومنها التشابك والتداخل في الاختصاصات مع بعض الوزارات والجهات الحكومية، إضافة إلى الروتين والدورة المستندية وبعض الشروط المبالغ فيها والقوانين واللوائح التي مازالت قديمة ولا تتماشى مع التطور.
وأضاف انه بالنظر إلى بلدية الكويت كجهة خدمات تتعامل بشكل مباشر مع الجمهور، الأمر الذي جعلها دائماً « في مرمى الاتهامات والانتقادات، وذلك بسبب إجراءاتها المتعددة وتداخلها في الاختصاصات مع وزارات وهيئات أخرى كالتجارة والأشغال وغيرها».
واقترح المنفوحي حلول عدة لتلك التعقيدات أولها فك التشابك في الاختصاص بين البلدية وبعض الجهات الحكومية، مشيرا الى عدد من الاختصاصات التي يجب تحويلها إلى الجهات المختصة بها.
اما الخبير الاقتصادي الدكتور سعد البراك فرأى من جانبه أن الحديث عن الاقتصاد لا يمكن أن يتم بمعزل عن السياسة، مبينا ان السياسة معناها ان ترعى الدولة شؤون الناس وترقي حالتهم الفكرية والاقتصادية والاجتماعية بينا في الكويت والعالم العربي السياسة تمثل رمزا للعبث في الاقتصاد، وقال انه لا يوجد في تاريخ الكويت دليل على ان السياسة تسخر لخدمة الاقتصاد، وبالتالي لا يمكن ان تصنع اقتصاد جيد دون خلق بيئة سياسية مناسبة.
وأضاف أن نحو ثلثي سكان العالم العربي هم تحت 35 سنة، منوها بأن الحديث عن المشروعات الصغيرة لا بد ان يقود الى الحديث عن ثورات الربيع العربي التي قام بها الشباب وهم المعنيون بالمشروعات الصغيرة، ولا أعتقد أن القيادات السياسية في العالم العربي قادرون على استيعاب أفكار هؤلاء الشباب والتماشي مع تطلعاتهم.
وأشار إلى أن القيادة السياسية الرشيدة هي التي تحقق النمو الاقتصادي السريع، وأن الناتج القومي للكويت في عام 2011 هو 160 مليار دولار، قطر 170 مليار دولار، والإمارات ضعف الكويت، ولذلك علينا مواجهة الحقائق ومعالجة الثقة بين الناس والحكومة.
وتساءل البراك عن هوية الكويت الاقتصادية؟ مشددا على ضرورة ان تقوم الدولة بدعم المشروعات الصغيرة من خلال صناعة الفرص الاستثمارية.
وأشار إلى ضرورة تحرير جزء من الاقتصاد لزيادة حصة القطاع الخاص، وكذلك التعليم والتدريب والتطوير لدعم قطاع المشروعات الصغيرة، والأهم هو تطوير البيئة القانونية والتشريعية لخدمة الاستثمار خصوصاً في قطاع المشروعات الصغيرة.
المزيدي
من جهته، عرض رئيس الشركة الكويتية لتطوير المشروعات الصغيرة طارق المزيدي نشاط الشركة في الفترة من 2007- 2012 تقيس ملخص أعمال الشركة التي أسست في 1998 حول عدد المبادرين أصحاب المشروعات الصغيرة.
وقد أوضح أنه في الفترة من عام 2007 وحتى عام 2012 تمت الموافقة على 125 مشروع بإجمالي 21 مليون دينار بلغت مشاركة الشركة بها 15،651،085 دينار كويتي.
وتوزعت المشروعات ما بين خدمي ومهني وصناعي وحرفي، وقد بلغ عدد المبادرين من الذكور 62 مبادر بينما عدد المبادرين من الإناث 63 مبادرة.
وذكر أيضاً عدة أمثلة من الدول التي استطاعت ان تزيد من نموها الاقتصادي من خلال تعزيز قطاع المشروعات الصغيرة.
وقد تناول د. زهير المزيدي أستاذ التسويق ومدير مؤسسة الإعلاميون العرب خلال مداخلته عدد من النصائح التي يمكن أن يعتمد عليها المبادر أو صاحب المشروع الصغير، وتنوعت النصائح ما بين نصائح مالية وإعلانية، مؤكداً على أهمية الدراسات والأبحاث وعدم اتخاذ خطوات من دون دراسة علمية أو الاعتماد على الدراسات المسحية للوزراء والهيئات.
المصدر “الراي”
قم بكتابة اول تعليق