أكد رئيس المجلس الأعلى للقضاء ورئيس المحكمة الدستورية ومحكمة التمييز المستشار فيصل عبدالعزيز المرشد أن المحكمة الدستورية ستبسط سلطتها وستمارس ولايتها في رقابة دستورية القوانين ومنها الطعون بمرسوم تعديل آلية التصويت وذلك في حدود اختصاصها بهدف التحقق من مدى موافقة التشريع المطعون عليه لأحكام الدستور، مشيرا إلى أن رجال القضاء والنيابة حريصون على حماية الحقوق والحريات ويؤدون رسالتهم بكل نزاهة وأمانة دون تدخل أو تأثير من أي سلطة في أعمالهم.
وقال المرشد أن المحكمة الدستورية تراقب التشريعات مهما بلغت أهميتها وأبعادها وآثارها حيث يرى بأن ذلك لا يعد عملا سياسيا أو تدخلا بعمل المجلس والحكومة بل من صميم اختصاص وولاية المحكمة لاسيما وأن قانون إنشائها قد كفل لها قدرا كبيرا من الاستقلالية، في وقت أكد فيه أن الدستور الكويتي مثالي ولا توجد حاجة ملحة لتعديله.
وكشف عن العديد من المشاريع الخاصة بالسلطة القضائية ومنها مشروع يوفر ميزانية خاصة بها، وآخر لتقاعد القضاة وثالث لإنشاء صندوق ضمان صحي واجتماعي لهم، إلى جانب تقديمه مقترحات لتحقيق ضمانات أكثر لبلوغ الاستقلال الكامل للقضاء وأخرى لتعديل قانون الإجراءات ليشمل ضمانات كثيرة للتقاضي.
وفي تفاصيل حوارالمرشد مع صحيفة عالم اليوم:
> بصفتكم رئيس المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدستورية وفي ظل الظروف الراهنة، ما تقييمكم للدعوات المطالبة بتعديل الدستور الذي يصفه البعض بالجمود ويحمله مسؤولية الازمات السياسية المتلاحقة التي تتعرض لها البلاد، وهل تؤيدون تلك الدعوات ام ترون ان الدستور بنصوصه الحالية يلائم وضع البلاد ويلبي طموحات المواطنين؟
– دستور الكويت الصادر عام 1962، هو دستور مكتوب شأنه شأن الدساتير الحديثة، جاء نتيجة توافق ارادتين ارادة سمو الأمير وارادة ممثلي الشعب وهم اعضاء المجلس التأسيسي، ولم يتم التصديق عليه الا بعد مناقشات استمرت قرابة عام، ولئن كان الدستور قد حُرِّر في وثيقة الا انه لا يغلق الباب امام نشوء احكام دستورية عرفية تواجه تطور الحياة ونظام الحكم، هذا الى ان الدستور ذاته قد بين في المادة 174 القواعد والاجراءات اللازمة لتعديله، ونص على ان للامير وثلث اعضاء مجلس الأمة حق اقتراح تنقيح الدستور بتعديل او حذف حكم او اكثر من احكامه او بإضافة احكام جديدة اليه.
ونرى ان القواعد التي تضمنها الدستور قواعد مثالية لنظام الحكم وسلطاته، ولا توجد ثمة حاجة ملحة لتعديلها، واذا كان الامر يتعلق بتفسير نصوصه، فقد اسند المشرع ذلك الى المحكمة الدستورية المنشأة بالقانون رقم 14/ 1973 ، وما عدا ذلك أرى بأن دستورنا مثالي ونموذجي ويتسم بقدر عال من المرونة.
الصوت الواحد
> اُحيلت الى المحكمة الدستورية طعونا عدة في مرسوم الصوت الواحد.. هل ستبسط المحكمة رقابتها عليها ويكون لها رأي واضح فيه كما كان في الطعون الانتخابية السابقة والطعن بالدوائر الخمس وقانون الانتخاب الذي رفضتموه العام الماضي؟
– ان المحكمة الدستورية تمارس ولايتها في حدود اختصاصها المحدد في القانون رقم 14/ 1973، وان رقابتها على دستورية القوانين يقف مجالها عند حد التحقق من مدى موافقة التشريع المطعون عليه لأحكام الدستور وهي رقابة قانونية لا جدال فيها، ولا تعد تدخلا في العمل السياسي، وقد سبق ان اعملت المحكمة سلطتها في هذا الصدد في احكامها العديدة الصادرة عنها والتي تتضمن رأيها جليا واضحا ومنها الحكم الصادر في الطعن رقم 26/ 2012 بجلسة 25/ 9/ 2012 ولا يجوز للمحكمة ان تتنازل عن اعمال سلطتها التي شرعت كضمانة للحاكم والمحكوم على حد سواء، ومن بين هذه الأعمال الرقابة الدستورية على مرسوم «الصوت الواحد» وغيره من المراسيم المطعون في دستوريتها.
تدخل سياسي
> قُوبل قضاؤكم بعدم دستورية المجلس الذي ابطلتموه بانتقادات غير مباشرة في حين لمسنا اريحية من شريحة كبيرة اشادت بكم وباستقلاليتكم حينما رفضتم الطعن الحكومي بقانون الدوائر الخمس ما تعليقكم؟
– ان المحكمة الدستورية تمارس رقابتها الدستورية على التشريعات مهما بلغت اهميتها وابعادها وآثارها، وهي رقابة اولاها اياها الدستور باعتبارها الحارسة على احكامه تدعيما لمبدأ سيادة الدستور بوصفه المعبر عن ارادة الامة ضمانا لصون الدستور والحفاظ على كيانه، ولا يجوز التحدي بأن رقابتها هذه مهما بلغت اهمية التشريعات محل الرقابة وابعادها واثارها- تعتبر عملا سياسيا، او تدخلا في عمل السلطة التشريعية او التنفيذية، اذ ان من شأن ذلك ان يفرغ الرقابة الدستورية من مضمونها بل ويجردها من كل معنى ويفضي الى عدم خضوع اي عمل تشريعي لرقابة المحكمة الدستورية وهو امر لا يستقيم القول به.
هذا والبيّن من حكم المحكمة الدستورية الصادر في الطعنين رقمي 5 و29/ 2012 بجلسة 20/ 6/ 2012 انها لم تتجاوز ولايتها في الرقابة الدستورية حين قضت ببطلان عملية انتخاب مجلس الامة لبطلان حله تبعا لصدور طلب الحل من وزارة زايلتها هذه الصفة.
الرقابة المُسبقة
> ما زالت التبعات السياسية والشعبية لقضائكم ببطلان انتخابات 2012 يُخيم على الشارع الكويتي، حتى ان البعض اعتبر هذا الحكم تداخلا بين السلطات، فلماذا لا تنتهج المحكمة الدستورية نظام الرقابة السابقة على قوانين ومراسيم الانتخابات لوقف هذا الجدل ومنع التداخل بين السلطات؟
– بالنسبة للرقابة الدستورية السابقة، فقد نصت المادة 173 من الدستور على حق الحكومة وذوي الشأن من الطعن بعدم دستورية القوانين واللوائح، ومؤدى هذا انه اعتنق مبدأ الرقابة الدستورية اللاحقة حيث تبسط المحكمة الدستورية رقابتها على التشريعات بعد صدورها على ضوء ما تتكشف عنه تطبيقاتها العملية من قصور او عيوب، وان القول بالرقابة السابقة يعني الغاء حق المواطن في الدفع بعدم دستورية اي تشريع بعد صدوره، وهو امر لا يقره الدستور والجدير بالذكر ان فرنسا نظامها يتبنى الرقابة الدستورية المسبقة ومؤخرا تبنت ذات النهج المتبع هنا وهو الدفع بعدم دستورية تشريع من خلال الدعوى المنظورة امام القضاء مما يدل على جدوى هذا النظام.
الإصلاح القضائي
> سياسيون واجتماعيون كثر دعوا الى ضرورة اصلاح القضاء .. ما رأيكم بما ذهبوا اليه؟
– انا افضل تعبير النهوض بالقضاء وتطويره والارتقاء به، بدلا من لفظ الاصلاح وان المطالبة بتطوير القضاء بهذا المعنى امر مندوب طالما يقوم على حسن النية وتملية الرغبة الصادقة في تحقيق المصلحة العامة وإرساء قواعد العدل والانصاف، وأي اجتهاد في هذا الخصوص يخضع بطبيعة الحال للبحث والمناقشة.
استقلال القضاء
> البعض يتحدث عن استقلال القضاء وطالب بذلك.. هل فعلا قضاؤنا غير مستقل عن بقية السلطات؟ والا ترون بأن حديثهم يتضمن مساسا بالقضاء الذي يفتخر به الكثيرون منا؟
– اود أن أؤكد لك حقيقة هامة وهي ان رجال القضاء واعضاء النيابة العامة يؤدون بالفعل رسالتهم نحو تأدية الأمانات وحماية الحقوق والحريات، بكل حيده ونزاهه، ولا سلطان لاي جهة عليهم ودون تدخل او تأثير من اي سلطة في اعمالهم.
> بصراحة هل ترون ان القضاء لم يصل الى الاستقلال الكامل وما الذي ينقصه ليحقق هذا النوع من الاستقلال؟
– ما ينادي به البعض من ضرورة توفير الضمانات التي تكفل الاستقلال الكامل للقضاد، فليس فيه اي مساس بالقضاء، بل يدل على حرصهم على المحافظة على السلطة القضائية باعتبارها الملاذ لحماية حقوقهم وحرياتهم.
ومن المقرر بنص المادة 50 من الدستور ان نظام الحكم في الدولة يقوم على اساس الفصل بين السلطات الثلاث مع تعاونها، وقد نصت المادة 163 من الدستور صراحة على كفالة استقلال القضاء وتوفير الضمانات للقضاة، واذا كان المرسوم لقانون رقم 23/90 بشأن تنظيم القضاء قد اشتمل على العديد من الضمانات التي تكفل للقاضي الاستقلال والحيدة في عمله، إلا ان الكثيرين يتطلعون الى تحقيق ضمانات أكثر لبلوغ الاستقلال الكامل للقضاء. وتحقيقا لهذه الغاية قدمت اقتراحات عديدة لتعديل بعض نصوص ذلك القانون، ابدى المجلس الأعلى للقضاء ملاحظاته عليها ولم يبت فيها حتى الآن.
اتهامات خطيرة
> عرض مجهولون في مواقع التواصل الاجتماعي معلومات تتضمن اتهامات خطيرة تسيء لبعض القضاة واعضاء النيابة العامة، أين مجلس القضاء من هذا هل يتجه للقيام بدوره إزاء ذلك عن طريق مقاضاة هؤلا ام ماذا؟
– القضاء هو الحصن الحصين والدرع الامين للحاكم والمحكوم، وهو طريق النجاة للذود عن الحريات والملاذ لكل من ينشد الوصول الى حقه او دفع ظلم حاق به، ولذلك كان لزاما وجوب توفير الاحترام والتوفير للقضاة واعضاء النيابة العامة، وهو ما حرص عليه المشروع بما نص عليه في المادة 147 من قانون الجزاء من ان يعاقب بالحبس مدة لاتتجاوز سنتين وبغرامة لاتتجاوز مائة وخمسين دينارا او بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص أخل بوسيلة من وسائل العلانية بالاحترام الواجب لقاضي، على نحو يشكك في نزاهته او اهتمامه بعمله او في التزامه احكام القانون.
والمجلس الأعلى للقضاء باعتباره الراعي لشؤون القضاة واعضاء النيابة العامة، لايتوانى عن اتخاذ الإجراءات المناسبة ضد المتطاولين بما يحفظ كرامة القضاء، كما ان المجلس لايحول دون قيام رجل القضاء برد الاساءة اليه ومقاضاة المسيء دون الدخول معه في خصومة مباشرة بعد ان كفل القانون على نحو ما سلف تجريم تلك الافعال.
أعضاء «الدستورية»
> هل ترون ضرورة إعادة النظر في كيفية اختيار وتعيين اعضاء المحكمة الدستورية لمزيد من الاستقلالية؟
– لما كانت الرقابة الدستورية على التشريعات، مسألة قانونية، بل هي من ادق الامور القانونية التي يجب ان تتأثر بالتيارات السياسية لذلك حرص القانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية، على ان تؤلف المحكمة الدستورية من خمسة من المستشارين الكويتيين يختارهم المجلس الاعلى للقضاء بالاقتراع السري، ويتم تعيينهم بمرسوم وهذا ما يكفل قدرا كبيرا من الاستقلالية للمحكمة ودعم دورها في الرقابة الدستورية.
الخلافات القضائية
> هناك من يتحدث عن «خلافات داخل الجسم القضائي».. ما مدى صحة ذلك؟
– أود ان أطمئنك انه لايوجد خلاف داخل السلطة القضائية، والكل يعمل من أجل المصلحة العامة وتحقيق العدالة وانما قد يكون ثمة اختلاف في وجهات النظر، فإن الخلاف كما يقولون لايفسد للود قضية.
الاستقالة
هناك من استوقفته رغبتكم في الاستقالة التي قدمتموها لسمو الأمير اخيرا وعدلتم عنها لاحقا.. ما خلفيات هذه الاستقالة؟
– بالنسبة لاستقالتي التي كنت قد اعلنتها من قبل فقد افصحت عن سببها حين تقدمها، وهي رغبتي في الخلود للراحة بعد ان قضيت حياتي كلها في العمل القضائي، وهو عمل مرهق للذهن والجسد، ولذلك فضلت الراحة من هذا العناء الذي حملته على كاهلي طوال السنوات الماضية، ولاتوجد اسباب اخرى بخلاف ذلك.
القضاة والمتقاضون
> كيف ترون وضع القضاة والمتقاضين في الكويت؟
– القضاء أمانة يحملها رجال القضاء بغير ملل ولا كلل، فهم يبذلون قصارى جهدهم في أداء رسالتهم التي كرسوا حياتهم من اجلها، لا غاية لهم سوى اقامة العدل، ومما لا شك فيه ان العمل القضائي بطبيعته من الاعمال الشاقة التي تستغرق كل حياة القاضي ويكون ذلك بالطبع على حساب حياة اسرته وحياته الخاصة، وقد قال الفاروق عمر بن الخطاب «من ولى القضاء فكأنما ذبح بغير سكين».
أما عن احوال المتقاضين، فقد كفل الدستور حق التقاضي للكافة، وان كل التشريعات التي تهدف إلى تطوير القضاء والنهوض به إنما تعني اساسا بتبسيط اجراءات التقاضي ليحصل كل صاحب حق على حقه في سهولة ويسر، كما ان وزارة العدل تهتم دائما بتيسير كل الاجراءات للمراجعين، إلا انه نظرا لتزايد السكان وكثرة المعاملات وتعقدها تشهد ساحات المحاكم تزايدا مطردا في اعداد القضايا بكافة انواعها وكثيرا ما يلجأ اطراف تلك القضايا إلى اللدد في الخصومة وهو ما يؤدي إلى تعطيل الفصل فيها.
مخاصمة القضاة
> البعض طالب بإقرار قانون «مخاصمة القضاة».. هل ترون بأن هذه المطالبات حقا مشروعا للمتقاضين لاسيما وان دولا كثيرة تطبقه؟ أم انها لاتعدو طعنا بنزاهة الاحكام القضائية النهائية؟
– لم يشأ المشرع الكويتي مسايرة بعض التشريعات المقارنة في الاخذ بما يطلق عليه بالمسؤولية المدنية للقضاة أو دعوى مخاصمة القاضي، مكتفيا بما تضمنه قانون المرافعات المدنية والتجارية من قواعد خاصة بصلاحية القضاة وردهم وتنحيتهم «مواد 102 – 111» فضلا عن المواد الواردة بقانون تنظيم القضاء بشأن تأديب القضاة واعضاء النيابة العامة، والتفتيش على اعمالهم.
وحسنا فعل المشرع في هذا الشأن ذلك ان اقرار دعوى مخاصمة القاضي ولو على اساس الخطأ المهني الجسيم من شأنه ان يفقد القضاة واعضاء النيابة العامة اطمئنانهم في عملهم ويلقي في روعهم الهيبة من التصرف والحكم ويؤدي إلى انشغالهم عن عملهم الاصلي بمتابعة مثل تلك الدعاوى التي ترفع عليهم، كما انه يخشى من قيام المحكوم عليه بإساءة استخدام تلك الدعوى بقصد الكيد والنيل من القاضي لمجرد صدور الحكم ضده، هذا فضلا عن تعطيل الفصل في النزاع اذا ما رفعت دعوى المخاصمة اثناء نظره، وتجدر الاشارة إلى انه قد ثبت من تجارب الدول التي اخذت بنظام دعوى المخاصمة ندرة الاحكام التي صدرت بقبولها.
وقد سجل المجلس الأعلى للقضاء رأيه سالف الذكر عند بحث الاقتراح الذي قدم لمجلس الأمة بشأن اقرار دعوى المخاصمة، كما ابدى ملاحظاته على مواده- في حال اقراره- لضمان عدم التعسف والغلو في استخدام دعوى المخاصمة.
ندب القضاة
> هل لدى المجلس الأعلى للقضاء توجه لإلغاء ندب القضاة إلى الجهات الإدارية وعملهم في بعض وزارات الدولة؟
– نصت المادة 17 من القانون رقم 23/ 1990 في شأن تنظيم القضاء على ان يختص المجلس الاعلى للقضاء بالنظر في كل ما يتعلق بشؤون القضاء واعضاء النيابة العامة ومنها ندبهم لعمل آخر غير عملهم الاصلي وقد قرر المجلس حفاظا على حيدة رجال القضاء واستقلالهم، وتفرغهم لاعمالهم الاصلية حظر ندب رجال القضاء واعضاء النيابة العامة للجهات الإدارية وقصر ندبهم على الاعمال القضائية والقانونية للجهات التابعة لوزارة العدل والاجهزة المعاونة للقضاء، فضلا عن الاعمال التي يكلفون بها بناء على نص قانوني، وكذلك عضوية مجلس كلية الحقوق ومجلس الجامعة والتدريس في كلياتها والمعاهد العلمية والحكومية.
باحثون جدد
> قامت وزارة العدل بتعليق قرار مجلسكم بشأن فتح باب القبول امام باحثين قانونيين جدد، رغم ان الحاجة ماسة لأعداد اضافية من القضاة ووكلاء النيابة، ألايعد ذلك عدم احترام لقرارات السلطة القضائية؟ وما آخر تطورات هذا الملف.. هل سيتم فتح باب القبول أمام قانونيين جدد أم لا؟
– ان العلاقة بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية تقوم على اساس التعاون والتفاهم والاحترام المتبادل، ويجب التنويه بأن سبب تأخير تعيين الباحثين القانونيين يرجع إلى انه يتم تعيينهم على وظائف إدارية قبل تعيينهم على وظائف قضائية وهو ما يستلزم اتخاذ بعض الاجراءات الإدارية من قبل الوزارة، وبعد الانتهاء من هذه الاجراءات سيتم ان شاء الله فتح باب القبول لتعيين العدد اللازم من الباحثين القانونيين، ونأمل ان يتم ذلك ونحن متفائلون خيرا.
ضيق المحاكم
> البعض يشتكي من ضيق مساحة قصر العدل في ظل زيادة اعداد القضايا والمتقاضين اضافة لتوزيع المحاكم والنيابات في كثير من المحافظات هل تؤيدون انشاء مدينة قضائية كبيرة تحتضن جميع المحاكم والنيابات وهل هناك توجه لعمل توسعات أو استحداث مبان جديدة؟ وهل تنوون التوسع في الدوائر القضائية وزيادتها أو استحداث آخر؟
– يضم قصر العدل منذ انشائه محاكم الدستورية والتمييز والاستئناف والمحكمة الكلية ومكتب النائب العام والنيابة الكلية بالاضافة إلى العديد من الإدارات مثل إدارة التفتيش القضائي وإدارة التنفيذ ومع الزيادة المضطردة في عدد القضايا سنويا، اضطرت المحاكم بمختلف درجاتها إلى زيادة دوائرها حتى اصبح قصر العدل من مدة طويلة يضيق بما فيه ولم تجد المحاكم بدا من ان تعقد في القاعة الواحدة يوميا اكثر من دائرة بالتناوب، كما اتجهت محكمة الاستئناف إلى عقد بعض دوائرها خارج العاصمة بمجمع محاكم الأحمدي ومجمع محاكم الرقعي.
هذا إلى ان القضاء أصبح بحاجة إلى مبان مستقلة للمحاكم المختصة مثل محكمة الاحداث، ومحكمة اسواق المال ومحاكم الاسرة المزمع انشاؤها بالمشروع المقدم لمجلس الوزراء من المجلس الأعلى للقضاء.
لذلك بات لزاما وجوب الاهتمام بإنشاء مبان لائقة ومناسبة لدور العدالة مع اعطاء الأولوية لمثل هذه المشروعات الضرورية حتى تتمكن اجهزة العدالة من اداء دورها مع مراعاة ان انشاء مجمع للمحاكم في كل محافظة من شأنه التيسير على مواطنيها وعدم تحملهم عناء الذهاب إلى قصر العدل أو إلى محافظة أخرى غير محافظتهم فالعدالة يحسن ان تسعى إلى حيث يقيم الناس وليس العكس.
قصور بالتشريع
> هناك من ينتقد الكثير من القوانين ويدعو للتعديل عليها كونها قديمة ولا تتلاءم والتطور الحاصل في المجتمع.. كقانون الاجراءات حيث يرى البعض بأنه يتضمن نواقص كثيرة لاتغطي بعض الجرائم، كما ان البعض ينتقد القصور في القانون لعدم تخصيصه مواد تنظم اجراءات معينة ومثال على ذلك الحديث والاساءة في موقع التدوين الاجتماعي «تويتر» حيث تصنف الجرائم كـ«اساءة استعمال هاتف» رغم ان الموقع خصص بالأساس للتصفح عبر اجهزة الحاسب الآلي لا الهاتف النقال؟! ما تعليقكم؟
– مجلس الأمة هو المنوط به طبقا للدستور مهمة سن التشريعات وتعديلها لمواجهة الضرورات التي يفرضها الواقع والمجلس الاعلى للقضاء لايتوانى عن اقتراح ما يلزم من التعديلات القانونية التي تستدعيها مستجدات العصر أو يكشف التطبيق العملي عن وجود قصور في بعض التشريعات وكل ما يراه لازما للنهوض بسير العدالة، كما تقوم اللجنة الدائمة للتشريعات بوزارة العدل والتي يساهم فيها كبار رجال القضاء الحاليين والسابقين مع زملاء آخرين لهم من الجهات ذات الصلة بتعديل وتنقيح الكثير من التشريعات التي ترد اليها من الجهات المختصة أو تتقدم اللجنة بتشريع جديد كلما رأت ضرورة لذلك، وهناك مشروعات عديدة قدمتها اللجنة المذكورة للجهات المشار اليها لاقرارها ومن ضمنها تعديل قانون الاجراءات ليشمل ضمانات كثيرة للتقاضي.
اختلاف الاحكام
> لماذا تتباين الآراء القانونية من داخل وخارج القضاء حول القضية الواحدة إذ نجد احيانا حكمين قضائيين مختلفين يفصلان في دعوى واحدة، كما حدث في بعض الدعاوى الأخيرة للاندية الرياضية وما السبيل للحد من هذا التباين؟
– ان اختلاف الاحكام القضائية في الدعاوى المتماثلة انما يرجع غالبا إلى مغايرة الواقع المطروح في كل دعوى عن الاخرى وما قدم فيها من مستندات وما ابدي فيها من دفاع واذا كان الاختلاف يرجع احيانا إلى اجتهاد كل قاضي وسعيه للبحث عن الحقيقية فإن الاجتهاد بطبيعته يخضع للخطأ والصواب، ولذلك اخذ المشرع بنظام التقاضي على درجتين كي تتمكن المحكمة الاستئنافية من تصويب ما يعتري احكام اول درجة من اخطاء، كما انشئت محكمة التمييز لتوحيد المبادئ القانونية وتفسير نصوص القانون التي تختلف حولها المفاهيم، وتأكيدا لهذا الدور الهام التي تتولاه محكمة التمييز نص المشرع في المادة 4/2 من قانون تنظيم القضاء رقم «23 لسنة 1990» على انه اذا رأت إحدى دوائر التمييز العدول عن مبدأ قانوني قررته احكام سابقة صادرة منها أو من الدوائر الاخرى احالت الدعوى إلى هيئة مشكلة من احد عشر مستشارا من مستشاري المحكمة يختارهم رئيس المحكمة وتكون برئاسته او من ينوب عنه وذلك حرصا على مزيد من توحيد المبادئ القانونية وعدم تعارض الاحكام في المسألة الواحدة وبذلك يسود العدل والانصاف بين المتقاضيين المتساوين في المراكز القانونية.
القرارات الإدارية
> بصفتكم رئيس المجلس الاعلى للقضاء والسلطة القضائية التي تختص بالفصل في النزاع الإداري.. وما تقييمكم للقرارات الإدارية في مختلف وزارات الدولة؟
– القرارات الإدارية التي تصدر من وزارات الدولة واجهزتها الإدارية انما تصدر في الاصل تحقيقا للمصلحة العامة والمفترض انها تقوم على سبب صحيح مالم يثبت عكس ذلك وهذه القرارات تخضع للرقابة القضائية للتأكد من انها صدرت بباعث المصلحة العامة وغير مشوبه بأي عيب من العيوب مثل عيب اساءة استعمال السلطة، والقرارات الإدارية التي تلغي أو تعدل نسبتها ضئيلة اذا قيست بالقرارات الأخرى التي يؤيد القضاء الإداري مشروعيتها وسلامتها ولكن الاعلام يركز على الأولى فيضخمها.
رسالة للحكومة
قال المرشد في معرض حديثه عن حال القضاة ان من الامور الهامة التي تتصل بتطوير القضاء واستقلاله، توفير الرعاية الصحية والاجتماعية لرجاله وتأمين مستقبلهم حتى ينهضوا آمنين برسالتهم، مضيفا ولما كان المجلس الاعلى للقضاء هو الذي يحمل هموم رجال القضاء يعني بشؤون وحل مشكلاتهم، فقد تقدم باقتراح لإنشاء صندوق للضمان الصحي والاجتماعي لرجال القضاء واعضاء النيابة العامة، كما طالب مرارا بإصدار تشريع خاص بتقاعدهم بما يكفل لهم ولاسرهم حياة كريمة بعد ان يكونوا قد افنوا زهرة شبابهم في عمله، الا ان مثل هذه الاقتراحات لم تر النور حتى الآن الا اننا ما زلنا متفائلين.
ومن «عالم اليوم» الى الحكومة.
ميزانية قضائية
كشف المرشد ان المجلس الاعلى للقضاء قدم مشروعا جديدا للسلطة القضائية يوفر لها ميزانية مستقلة حتى يمكن النهوض بشؤون القضاء ودور العدالة التي تمثل عقبة كأداء في سبيل تطوير القضاء، ولم يبت بهذا المشروع حتى الآن.
رد القضاة
ابدى المرشد استياءه من تزايد الطلبات الكيدية برد القضاة بقصد تنحيتهم عن نظر الدعاوى، مشيرا الى ان ذلك يؤثر سلبا على التقاضي وعلى القضاة انفسهم، وقد قال الفاروق عمر بن الخطالب «ان نصف الناس اعداء للقاضي هذا ان عدل»، ولذلك يجب على الجميع التحلي بشرف الخصومة، وعدم إساءة استعمال حق التقاضي الذي كفله الدستور والقانون.
قرارات المجلس
قال المرشد رداً على سؤال حول القرارات التي ينوي المجلس الأعلى للقضاء اصدارها على نحو مستمر ويصدر مايلزم اصداره من قرارات بشأن تعيين او ترقية اعضاء السلطة القضائية او اي امر آخر يتعلق بشؤون القضاء حسبما تقتضيه الحاجة لذلك.

قم بكتابة اول تعليق