نشرت مجلة المجلة الدولية موضوعا تناول أبرز تحديات الديمقراطية في الكويت اليوم والتي أصبحت مهددة من الداخل على يد فريق من السياسيين أنفسهم ممن يدفعون بهذه التجربة الفريدة بمزاوجة نظامي الحكم الرئاسي والبرلماني القائم على حقوق متساوية لأمير البلاد والمواطنين الذين يمثلهم مجلس الأمة، أكثر من التحديات التي تواجهها من الخارج على يد القائمين على مؤسساتها كونها أفضل أنماط الحكم والإدارة الحديثة.
جاء ذلك في مدونة الكاتب والمحلل السياسي أحمدالعيسى الذي أكد أن المتابع لتاريخ الكويت السياسي يلحظ أن هناك محطات وانعطافات تتخلل مسيرة الديمقراطية، وبعضها تسبب بتعطيلها إلى حد الوأد والآخر ارتقى بممارستها إلى مصاف الدول المتقدمة مشيرا إلى أن الجانب الأكثر إشراقا أن مسألة “الديمقراطية” كأسلوب عمل من عدمها لم تعد محل نقاش اليوم، وهو ما أكده أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الذي يبدو أكثر إيمانا بالدستور الذي تسير بموجبه البلاد من عام 1962م أكثر من قوى المعارضة نفسها التي أخذت تسير في الفترة الأخيرة على شفير القانون وتدعو في بعض الأحيان إلى إشاعة الفوضى.
وفيما يلي نص المدونة التي حملت عنوان “سنة المجلسين”:
يحلو للكويتيين تسمية سنواتهم بحسب أهم الأحداث التي شهدتها بلادهم خلالها، وهو تقليد ذو طابع اجتماعي دأبت عليه شعوب المنطقة منذ أبصرت دولهم الحياة بشكلها الحديث.
وتاريخيا من بين السنوات التي أرخ الكويتيون بها حياتهم، “سنة الطفحة” (1912 م) نسبة إلى زيادة أرباح الغوص عن اللؤلؤ ومرجع التسمية من طفح الماء عن إنائه أي زيادته، حيث خرج ذلك العام 30 ألف غواص وبحار على متن قرابة 2812 سفينة وهو العدد الأكبر بتاريخ الكويت البحري، وهناك سنة الهدامة (1934م) نسبة إلى هدم سيول الأمطار البيوت الطينية قبل ظهور النفط، وسنة المجلس (1938م) نسبة إلى الأحداث التي رافقت تأسيس وحل المجلس التشريعي الثاني حينما شهدت الكويت مواجهات أمنية واعتقالات بين صفوف النواب (المجلس الأول أنشئ عام 1921م)، وهناك سنة “الغزو” نسبة إلى الغزو العراقي على الكويت عام 1990م.
ووفقا لنفس الروحية سيحمل عام 2012 على الصعيد المحلي اسم سنة “المجلسين” نسبة لكونها الأولى بتاريخ الكويت التي تشهد انتخاب مجلسين تشريعيين في غضون سنة واحدة، الأول انتخب في فبراير 2012 وأبطلته المحكمة الدستورية بعدها بأربعة شهور، والآخر في ديسمبر 2012 ولا يزال قائما حتى تفصل المحكمة الدستورية بدستورية بقائه من عدمها.
والمتابع لتاريخ الكويت السياسي يلحظ أن هناك محطات وانعطافات تتخلل مسيرة الديمقراطية، وبعضها تسبب بتعطيلها إلى حد الوأد والآخر ارتقى بممارستها إلى مصاف الدول المتقدمة، لكن هذا قدر الدول النامية، لا تزال تتلمس طريقها رغم وضوحه، إلا أن الجانب الأكثر إشراقا أن مسألة “الديمقراطية” كأسلوب عمل من عدمها لم تعد محل نقاش اليوم، وهو ما أكده أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الذي يبدو أكثر إيمانا بالدستور الذي تسير بموجبه البلاد من عام 1962م أكثر من قوى المعارضة نفسها التي أخذت تسير في الفترة الأخيرة على شفير القانون وتدعو في بعض الأحيان إلى إشاعة الفوضى.
ولعل أبرز تحديات الديمقراطية في الكويت اليوم أنها أصبحت مهددة من الداخل على يد فريق من السياسيين أنفسهم ممن يدفعون بهذه التجربة الفريدة بمزاوجة نظامي الحكم الرئاسي والبرلماني القائم على حقوق متساوية لأمير البلاد والمواطنين الذين يمثلهم مجلس الأمة، أكثر من التحديات التي تواجهها من الخارج على يد القائمين على مؤسساتها كونها أفضل أنماط الحكم والإدارة الحديثة.
ان ظاهر الصراع السياسي بالكويت اليوم لمن يتابعه من بعيد، هو صراع حول الديمقراطية وتعزيزها أو حمايتها، بينما هو بالواقع صراع أقطاب ومراكز قوى تتغير بتغير المعادلة السياسية، كما تجدر الإشارة هنا إلى أن أغلب المحطات التاريخية التي مر بها قطار الديمقراطية بالكويت كانت تقف على أحد رصيفيها المتقابلين مصلحة ما أو طرفين متنازعين كلاهما يقف عكس الآخر كحال الرصيفين المتقابلين المؤديين إلى اتجاهين متعاكسين، وكلاهما يريد أن يسير القطار بحسب وجهته هو، إما بالرجوع إلى المحطة السابقة أو الانطلاق إلى المحطة التالية.
وفيما لا نزال نقف اليوم على محطة مجلس الأمة وعدد الأصوات التي يحق لكل ناخب أو ناخبة الإدلاء بها، كمحطة تاريخية بدأت نهاية العام قبل الماضي، سيتحتم علينا الانتظار قليلا قبل أن يتحرك القطار مجددا لحين أن تفصل المحكمة الدستورية بسلامة قانون الانتخاب الذي جاء بموجبه المجلس الحالي الشهر الماضي، وسننتظر في نفس الوقت بقية الأحكام القضائية في التهم التي يواجهها عدد من السياسيين المنتمين للمعارضة بخاصة ما يتعلق منها بحادثة اقتحام مجلس الأمة قبل عام ونيّف، وتهم المساس بالذات الأميرية التي وجهتتها النيابة العامة لعدد منهم على خلفية رفعهم سقف الحوار والتصريحات إلى حد المساس بالذات الأميرية المصانة دستوريا.
إنه قدر الكويت الذي يحتم عليها أن تكون دائما محط اهتمام، بسالبه وموجبه، كما هو دأب أهلها الذين يستذكرون التاريخ بحوادثه لا سنوات حدوثها.

قم بكتابة اول تعليق