يتهيأ الجميع للاستفادة من الفرص المقبلة بعد أن عادت موجة الاستثمار في الأسهم من جديد ويبدو كثيرون من الداخلين الجدد في أسواق العمل أو أصحاب الثروات الجديدة متحمسين للتجربة وأخذ المخاطر، بينما آخرون ممن جرَّبوا حظهم قبل الأزمة المالية في 2008 محتارون بين تكرار المحاولة أو البقاء خارجاً، على حسبة أن «المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين». إن مؤشرات كثيرة تفيد أن أسهماً عدة أخذت حاصلها من الهبوط. ولا شك هناك فرص مطروحة اليوم المستثمرين متوسطي وطويلي الأجل. أما المضاربة، فمخاطرها عالية، وإن كانت تجني للبعض مكاسب مؤقتة، ولكن غير المحترفين سيسقطون عاجلاً أم آجلاًَ، لأن المضاربة تفترض الاحتراف، وقدرة على إدارة المال، وتحقيق المكاسب، والخروج بأقل الخسائر.
فيما يلي بعض النصائح والمعايير المالية، ربما تقي شر المضاربة وتقدم بعض الأدوات الأساسية للاستثمار.
1 – استشر المختصين
قبل الدخول في أي استثمار في الأسهم يفترض استشارة متخصصين في المجال لمن لا يعلم الحد الأدنى من أساسيات الاستثمار. إن الذهاب إلى مديري محافظ وصناديق استثمارية في شركات استثمار لم تتلوث سمعتها في الأزمة المالية هو أمر لا بد منه للاستشارة أو لأخذ النصيحة أو لإدارة الأموال. يعتمد معظم المديرين المحترفين على تقنيات ومعايير عدة لانتقاء الأسهم الجيدة. يمكن للسطور التالية أن توضح بعض أهم المعايير للانتقاء.
البقاء على اتصال بعالم المال
الأسواق ممتلئة بالفرص دائماً، والتواصل مع عالم المال يساعد في معرفة الفرص. وسائل التواصل الحديثة مكان خصب لقراءة اتجاهات السوق ومعرفة آراء الناس. يمكِّن «تويتر» بشكل خاص من مشاهدة ردود الفعل السريعة على الأحداث الآنية، والمدونات المتخصصة هي فرصة لقراءة كيف يفكر بعض المحللين الماليين. هناك أمر مهم، أيضاً، وهو دخول بعض التنفيذيين بحساباتهم الشخصية إلى تويتر وفيسبوك. ومتابعتهم أمر مفيد لمعرفة كيف يفكرون، وبماذا ينصحون، الأهم في ذلك هو موقع تواصل المهنيين LinkedIn، حيث يوجد أغلب المحترفين وأصحاب المهن الحرة والأعمال والتنفيذيين، وأغلب المناقشات هنا مهنية ومفيدة، حتى أنها مهمة على صعيد بناء شبكة العلاقات.
لا تسمعوا للمحللين أصحاب المصالح
كثر المحللون في الفترة الأخيرة، خصوصاً الفنيين، وكل يغني على ليلاه. المنطق يقول إن صاحب المصلحة لن يتحدث بشيء يضر مصلحته، لذا من المهم ترك مسافة مع المحللين أصحاب المصالح.
الإعلام لا يقدم حقيقة كاملة
هناك عوامل عدة تتحكم في النشر أو التلفزيون كالوقت والسرعة والمنافسة. لا يقدم الإعلام عادة حقائق كاملة بسبب هذه العوامل. فتضطر وسيلة إعلامية إلى الاجتزاء هنا أو لقراءة الحدث من وجهة نظر واحدة.
المعرفة أساس الاستثمار
معظم المعلومات عن الثقافة المالية والاستثمارية متوافرة بشكل كبير وتفصيلي على الإنترنت واليوتيوب والكتب التعليمية. وهناك أشخاص كثيرون مهتمون بهذا الجانب، ولديهم مدوناتهم الخاصة، وآخرون موجودون في تويتر وفيسبوك ويقدمون النصائح والمعلومات اليومية عن مفاهيم استثمارية وعن تجارب خاصة، ولا يحتاج الشخص إلا إلى أن يقوم بجهد إضافي في القراءة والتعلم، وأن يعيش مع الأرقام والحقائق المالية كما لو كانت من ضرورات الحياة اليومية. إن الثقافة المالية تسهل عليك عمليات الاستثمار في الأسهم وغيرها، وتجعلك تدير اموالك بشكل افضل وتحقق عوائد أعلى.
2 – لا تضع بيضك في سلة واحدة
إن أهم معيار لانتقاء الأسهم هو التنويع في المحفظة الاستثمارية، على أن تكون الأسهم المنتقاة أسهما جيدة من حيث معايير مالية وإدارية معينة (سنذكرها لاحقا).
معظم مديري المحافظ وصناديق الأسهم يعتمدون 15 سهما على الأقل لتكوين محفظة أو صندوق، ويوزعون أموالهم على الأسهم، مع الإبقاء على بعض الكاش لكي يستفيدوا من فرص مقبلة. وهذا التنويع يضمن ألا يقع المستثمر في شر أعمال شركة واحدة أو شركتين استثمر فيهما كل أمواله، فتسقط نتيجة أخطاء إدارية او مالية، ويذهب ماله ضحية لتركّز استثماره. هناك مستثمرون مهووسون بسهم أو سهمين، ويستمرون معهم في السراء والضراء، وكأنه زواج كاثوليكي، وهذا أمر غير صحي للاستثمار، فالعاطفة لا مكان لها هنا، فقط الأرقام تحدد استثمارك.
3 – اقرأوا الميزانيات.. جيداً
هناك بعض المعايير المالية التي يفترض معرفتها لانتفاء الأسهم الجيدة الصالحة للاستثمار، وهناك مدارس استثمارية عدة، والبعض لديه خلطته الخاصة، لكن هناك بعض المعايير العامة المفترض أخذها في الحسبان، كالتالي:
– استمرارية الأرباح، اي ان تحقق الشركة أرباحاً بشكل مستمر لسنوات عدة لا تقل عن 5 سنوات، بالطبع هناك بعض السنوات التي لا تحقق فيها الشركة نموا مثل أخرى لطبيعة الدورة الاقتصادية، كما يمكن أن توجه فيها مشاكل آنية كخسارة قضية، وهي أمور يفترض أن تؤخذ بعين الاعتبار أيضا.
– أرباح تشغيلية، اي ان التدفقات النقدية للشركة تأتي من أنشطة تشغيلية حقيقية وليس من استثمارات او اصول غير تشغيلية، التي غالبا ما تكون عرضة للمخاطر ولتقلبات الأسواق.
كما أن من المهم أن يكون هذا التشغيل مرتبطا بالاستمرارية او ما يطلبه السوق فعليا، مثلا شركات تعمل في بناء المساكن لمصلحة الحكومة هي شركات تستحق الاستثمار، لأن هناك طلبا مستمرا على العقار السكني كون الدولة ملزمة بتوفيره للمواطنين قانونيا.. وهكذا.
العائد على حقوق المساهمين
– مضاعف السعر إلى الربحية او مضاعف السعر الى القيمة الدفترية P/E او P/B: وهما مؤشران مهمان، وتعرض القبس يوميا جدول شركة كامكو حول الأسهم، حيث يضع الجدول المؤشرين بشكل يومي، إضافة الى مؤشرات اخرى، وباختصار كلما كان المضاعف أقل كان السهم جاذبا للاستثمار. لكن من المهم الانتباه إلى أن هذين المؤشرين يفترض ألا يكونا معيارا وحدهما لاختيار السهم.
فمثلا قد تكون شركة ما لديها مضاعفات قليلة، لكن هناك شكوكا في استمراريتها أو في مواجهة تحديات السوق والمنافسة.
– التوزيعات النقدية
الشركة التي توزع أرباحا سنوية لها أفضلية لدى المستثمرين عن أخرى تفضل الاحتفاظ بأرباحها لأسباب عدة، من ناحية العوائد، فإنك ستحصل على عوائد أعلى عند استثمارك في شركة توزع «كاش» سنويا، لكن هناك شركات تستفيد من أرباحها لتنمية أعمالها أو للدخول في استثمارات أخرى، وهنا يفترض معرفة أين تذهب الأرباح؟
4 – استراتيجية الشركة وكفاءة الإدارة وكبار الملاك
يفترض أن تضع كل شركة استراتيجية للسنوات الخمس المقبلة على الأقل، وعلى أساسها يمكن للمستثمر قراءة أين تتجه الشركة؟ وكيف ستتعامل مع المستقبل ومع تحديات القطاع الذي تعمل به؟ يُمكن ذلك من معرفة موقع الشركة في السوق ومقارنته مع منافسيها. إن إتاحة هذا الأمر بشكل واضح من الشركة للمساهمين وللسوق يدلّ على وضوح المستقبل أمام إدارتها وتعلم جيدا ما أهدافها، يبقى معرفة ما إذا كانت هناك إمكانية لتطبيق ذلك على أرض الواقع. كما من المهم معرفة كيفية التمويل لتنفيذ مشاريع هذه الشركة، وهل سيكون من المصارف أو عن طريق زيادات رأس المال أو الاقتراض من المساهمين، ولكل منها حسبة مختلفة.
الإدارة
إن معرفة كيف تفكر الإدارة التنفيذية للشركة أمر مهم لقياس مدى قدرة هذه الإدارة على التعامل مع التحديات، وعلى تطبيق أقوالها إلى أفعال. إن المديرين التنفيذيين دائما ما يشكّلون حالة إقناع أو رفض للمستثمرين طويلي الأجل وقراءة سيرهم الذاتية وإنجازاتهم السابقة أمر لا بد منه. بعض المؤشرات تظهر مدى كفاءة الإدارة
التنفيذية كمؤشر إدارة المصاريف على سبيل المثال. غالبا ما يقاس مؤشر ادارة المصاريف مقارنة مع الإيرادات لقياس كفاءة الإدارة، لكن ليس هناك نسبة محددة يمكن القياس عليها، إذ تختلف المصاريف من قطاع إلى آخر، لذا يفترض قياس النسبة حسب كل معيار كل قطاع. أما الإنجازات فهي تتكلم عن نفسها والأرقام كفيلة بكشفها.
الحوكمة والشفافية
تأخذ قضايا الحوكمة اهتماما أكبر سنة بعد أخرى، وإن كانت دول عدة قطعت أشواطاً في هذا الصدد، إلا أن أسواقنا ما زالت في مراحل متأخرة من الحوكمة، إن الشركة التي تظهر شفافية عالية أمام مساهميها، وتفصح عن كل شيء لديها، هي شركة جديرة بالاهتمام الاستثماري، لأنها ليس لديها ما تخبئه، كما من المهم أن يبدأ الضغط من قبل المساهمين لطلب إفصاحات أكبر من قبل إدارات الشركات، حيث يسمح ذلك القانون الجديد للشركات.
وهناك إمكانية اليوم في الحصول على معلومات كاملة من الشركة في حال طلبها المساهم.
المزيد من الإفصاحات
طلب المزيد من الإفصاحات من الشركة أو بالضغط على الجهات الرقابية هي من أهم معايير الاستثمار في الفترة المقبلة.
الملاك والمساهمون الكبار
إن وجود ملاك أو مساهمين كبار أو مجموعات استثمارية قوية يدعمون شركة ما عامل يعزز استقرار هذه الشركة، مع أن البعض يخاف من تحالف الكبار، خصوصاً إذا كانوا مسيطرين سيطرة كاملة على مجالس الإدارة، إلا أن آخرين يعتبرون ذلك نقطة إيجابية تبين حجم الاهتمام بالشركة، خصوصاً إذا كان المسيطرون من المجموعات المهنية المعروفة.
إن وجود قانون جديد للشركات، الآن، ربما يحد من السيطرة غير المحدودة للملاك وكبار المساهمين، مع افتراض تفعيل التصويت التراكمي الذي قد يوصل مساهمين من الأقلية أو من المستقلين إلى مجالس الإدارة.
5 – التزموا جانب الأسهم الجيدة وابتعدوا عن المضاربية
هناك اتفاق بين المستثمرين على أن البنوك هي الاستثمار الأفضل دائماً، تليها شركات تشغيلية صغيرة ومتوسطة وكبيرة الحجم. أفضل الشركات التشغيلية هي تلك المرتبط نموذج عملها مع قطاعات ملائمة أو مطلوبة في السوق المحلي.
وقد يسمع البعض أن سهماً ما حقق عائداً بنسب مرتفعة في فترة زمنية قليلة من دون الكشف عن أي تغييرات مهمة في نشاطه أو نموذج عمله، أو حتى وجود صفقات أدت إلى ذلك، في الغالب تكون هذه الأسهم مضاربية، ويمكن كشفها بسهولة، إذ إن نسبة تذبذبها ارتفاعا وهبوطاً عالية جداً يومياً وبنسب لا تقل عن %10 صعوداً أو نزولاً.
ولمعرفة ذلك يفترض مراقبة مؤشر آخر 52 أسبوعياً، وإذا لم تكن محترفاً، فابتعد عنها، لأنك ستسقط وجبة لذيذة في أيدي المحترفين.
لا تفسدوا الصعود المتزن للسوق
الصعود المتزن للسوق في الفترة الأخيرة يعبر عن اتجاه استثماري وبناء مراكز لدى البعض على أساس متوسط وطويل الأمد، إن تردد هؤلاء المستثمرين في وقت من الأوقات سيخلق موجة مضاربية عشوائية ستفسد الصعود المتزن.
ابتعدوا عن الأسهم الخاسرة والمتعثرة
يفترض بعد 4 أعوام على الأزمة المالية أن المستثمرين عرفوا أسهم الشركات الخاسرة والمتعثرة، التي لا تستحق الاستثمار بها.
سيولة الأسهم
ينظر البعض إلى السيولة المتداولة على الأسهم كمؤشر جيد للاستثمار، ولكن أحياناً كثيرة قد تكون الأسهم المضاربية هي الأكثر سائلية. لذا، من المهم معرفة إذا كانت السيولة على السهم هي سيولة مضاربية، استناداً إلى ما ذكر آنفاً.
6 – الأسهم المستفيدة من الإنفاق الحكومي
لا شك أن الإنفاق الحكومي يقود مشاريع الاقتصاد العملاقة، وهذا ما يحدث اليوم في مشاريع خطة التنمية التي انطلقت في قانون في فبراير 2010، اتفقنا أو اختلفنا حول مدى بطء أو سرعة هذه المشاريع، إلا أن ثمة حقيقة أن هناك مشاريع في البنى التحتية موجودة على أرض الواقع واستفادت شركات عدة منها، علماً أن هذه المشاريع موجودة قبل إقرار قانون الخطة، كمشاريع الطرق والمستشفيات والإسكان، ودخلت حديثاً عليها شركات تنموية انطلقت منها شركة كهرباء الزور. البحث عن شركات تستفيد مباشرة من هذه المشاريع هو أمر جيد للاستثمار، فهناك شركات الأسمنت، وأخرى تنفذ مشاريع إسكانية، وثالثة تقدم خدمات لمشاريع نفطية أو لمشاريع حيوية.
7 – أسهم لا تموت
هناك أسهم موجودة دائماً ومرتبطة بحاجات الناس اليومية كشركات التجزئة والطعام والاتصالات والطيران، وهي لا تتأثر جذرياً بالدورات الاقتصادية، كما هي الحال في الشركات الأخرى المرتبطة بالدورة الاقتصادية ومدى نموها.
8 – احتفظ بالـ «كاش»
الفرص في الأسهم تأتي دائماً، لذا من المهم الاحتفاظ ببعض «الكاش» لصيد فرصة ذهبية قد تلوح أمامك في وقت ما.
9 – مارسوا أدواركم كاملة في العموميات
الجمعية العمومية العادية للشركة تأتي مرة في السنة في الحالات العادية، لذا هي فرصة للمساهمين لكي يستفسروا ويسألوا ويطلبوا معلومات إضافية وإيضاحية من الإدارة التنفيذية، واليوم هناك صلاحيات إضافية للمساهمين مع وجود قانون جديد للشركات.
10 – فتشوا عن أسهم شركات قطعت شوطاً في التعافي
الأعوام الأربعة الماضية كشفت لنا زيف بعض الشركات، خصوصاً الاستثمارية، بينما أظهرت شركات أخرى أنها تريد تنظيف ميزانياتها، وأنها جدية في الخروج من أزمتها. إن مثل هذه الشركات قد تكون فرصاً مجدية للاستثمار. أهم مؤشراتها هي حجم الديون ومدى قدرتها على الوفاء بها وعدم التعثر مرة أخرى، وإمكانية الاستمرار والمنافسة.
كما أن الفرص تلوح بقوة في المنطقة، خصوصاً في دبي. إن تنويع الاستثمار في أسواق عدة هو عامل جيد لتنويع المحافظة وتوزيع المخاطر. أو لإغفال حقائق بشكل غير مقصود أحياناً، ومقصود أحياناً أخرى لعلاقات الملاك أو لأسباب إعلانية أو أسباب مرتبطة بالمحرر نفسه ومشاعره تجاه خبر ما.
احذروا الطمع
معظم من سقطوا ضحية الاسهم هم الطماعون الذين لا يقتنعون او لا يضعون حدا أعلى للعائد على استثماراتهم. إن عائدا بين %7 الى %10 جيد في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية. كما أن من المهم وضع حد أدنى لوقف الخسائر، ومن الضروري ان يكون ذلك في فترة زمنية محددة مسبقا (سنة، سنتان، 5 سنوات).
المصدر “القبس”

قم بكتابة اول تعليق