خصصت الجلسة الرابعة من الندوة الفكرية (ارتدادات الربيع العربي) المصاحبة لمهرجان القرين المقام هنا ما بين 6 و 26 من الشهر الجاري لمناقشة التجربة التونسية عبر بحثين قدمهما الاكاديميان الدكتور محمد الحداد والدكتور منير الكشو.
وقال أستاذ الحضارة العربية والأديان المقارنة في تونس الدكتور محمد الحداد في بحث بعنوان (الطابع الاجتماعي للثورة التونسية) ان الثورة التونسية ثورة ذات طبيعة اجتماعية مبينا ان السبب الرئيسي في اندلاعها سياسة التنمية غير المتكافئة التي سلكها النظام السابق وترتب عليها ازدهار المدن الساحلية مقابل تفقير هائل للمدن الداخلية.
وذكر ان الطابع الاجتماعي العميق للثورة التونسية هو الذي أفسد حسابات كل الأطراف السياسية من داخل السلطة ومن خارجها “فالمحتجون لم تعد لهم الثقة في كل الطبقة السياسية المستقرة بالعاصمة بمن فيهم زعماء المعارضة التاريخية” مشيرا الى الميزتين المهمتين اللتين يتمتع بهما المجتمع التونسي وهما “جود حركة جماهيرية أخرى كانت دائما طرفا في الحراك السياسي في تونس وهي الحركة النقابية والميزة الثانية وجود قاعدة نسائية عريضة وفعالة لا ترتاح للأطروحات الإسلامية ولا تطمئن لوعودها بالمحافظة على مجلة الأحوال الشخصية التونسية”.
من جهته قال الباحث في الفلسفة السياسية والأخلاقية المعاصرة الدكتور منير الكشو في بحث بعنوان (تونس وصعوبات الانتقال الديمقراطي في وضع ما بعد ثوري) ان الحدث التونسي فاجأ العالم والتونسيين أنفسهم فلم يكن أحد يتوقع أن تنتهي سلسلة المظاهرات والاحتجاجات التي انطلقت على اثر إقدام شاب متخرج من الجامعة وعاطل عن العمل على إحراق نفسه احتجاجا على سوء المعاملة إلى هروب الرئيس السابق من البلاد وانهيار السلطة السياسية وانطلاق مسار ثوري لا تزال البلاد والمنطقة العربية عموما تعيش على وقعه إلى اليوم.
واضاف ان هذا المسار ” لم تطلقه قيادة سياسية موحدة ذات إستراتيجية واضحة المعالم والغايات ورؤية أيديولوجية منسجمة وإنما غلبت عليه العفوية والارتجالية وردود الفعل تجاه بطش السلطة وعنفها وتخبطها السياسي وعرف رغم ذلك توافقا في الشعارات والمطالب التي تعبر عنها”.
وذكر ان التونسيين يواجهون حاليا تحديا كبيرا يتمثل في الجمع بين مهمتي انجاز مهام الانتقال نحو ديمقراطية ناجزة وتوفير شروط الاستقرار السياسي واستتباب الأمن بعد أن أرغموا لمدة طويلة على دفع مقابل غال لتمتعهم بالاستقرار والأمن وهو التضحية بالديمقراطية وبالحرية.
وشدد على أهمية “التقدم في كتابة الدستور وإقرار رزنامة للتحول الديمقراطي والشروع في تركيز آليات العدالة الانتقالية والمحاسبة ومن ثم المصالحة باعتبارها أهم الخطوات لإزالة التوتر وإشاعة الثقة في مستقبل العملية السياسية الديمقراطية في تونس”
قم بكتابة اول تعليق