المعركة الدستورية حول مرسوم الصوت الواحد ليست أقل ضراوة من الحراك الشعبي، فهي المعركة الحقيقية ما دامت الإجراءات داخل إطار الدستور وليس خارجه، كما حدث عندما حل مجلس الأمة واستبدل بما يسمى المجلس الوطني، ففي ذلك الوقت كان حراك الشارع شرعيا أما اليوم فحراك الشارع لم يثمر كما يجب وكان عبئا على المشهد السياسي بما تحمله الكلمة من معان، وكان لا بد من التفكير جديا في مراجعة ذاتية.
الجديد في المعركة الدستورية حول مرسوم الصوت الواحد هو اعتذار رئيس مجلس القضاء فيصل المرشد عن الاستمرار في عضوية المحكمة الدستورية في هذه المرحلة وترك الفرصة للعضو الاحتياطي للمشاركة، فالمحكمة الدستورية تتكون من خمسة أعضاء وعضوين احتياطيين، وعند اعتذار أي من الخمسة يدخل الأقدم من الأعضاء الاحتياطيين ضمن تركيبة المحكمة، فهل هذا الاعتذار له مبرراته القانونية أم إن القصد منه التعبير عن موقف سياسي؟!
تتسرب معلومات حول أن تلك الخطوة الهدف منها إعطاء فرصة للآخرين للتمرس في تلك المحكمة المميزة، لكن هناك من يعارض مثل تلك المعلومة بالقول إن المستشار المرشد بقي أكثر من ست سنوات يشغل هذا المنصب ومن المبكر جدا طرح مثل تلك الفكرة، وهناك أيضا من يقول إن المستشار المرشد مستقيل وبالفعل وصلت استقالته إلى الديوان الأميري عن طريق وزير العدل السابق جمال شهاب ومن الخطأ أن يكون طرفا في حكم المحكمة الدستورية حول الصوت الواحد.
بين هذا وذاك ينقل الكثير من المعلومات عن حوارات بين المستشار المرشد والمعنيين لكنها حوارات بالتأكيد لم تحصل ولن تحصل لجملة من الأسباب أبرزها الاستناد إلى تاريخ الرجل، فهو من المستشارين المميزين في مسيرة القضاء الكويتي وله مقاربات دستورية وقانونية تستحضر دائما عند طرح القضايا الأكثر عمقا على الصعيد الدستوري المحلي وربما الإقليمي، ودون شك غيابه عن عضوية محكمة بهذا الحجم له تبعاته رغم احترامنا وثقتنا المطلقة بالموجود من الأعضاء.
القضاة لهم خصوصية تختلف عن بقية المسؤولين في بقية قطاعات الدولة، حتى على صعيد الاستقالة، وينبغي أن توضع دائما مثل تلك الخطوة من أي من القضاة في الحسبان حتى لا تكون هناك ثغرات دستورية وقانونية في الأحكام، وهناك من القضاة من هو حريص على أن تكون الأحكام بلا شوائب يمكن أن تؤثر عليها مستقبلا عند أي محك، ورئيس القضاء الأعلى ليس رئيسا عاديا رغم أنه الرئيس الثالث في النظام الوطني.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق