تتكرر الانتقادات التي ترد في تقارير ديوان المحاسبة بشأن مسائل تحصيل حقوق الوزارات والمؤسسات الحكومية كل عام دون جدوى.. ما ورد في التقرير الصادر عن ديوان المحاسبة مؤخراً والخاص «بنتائج الفحص والمراجعة على تنفيذ ميزانيات الوزارات والإدارات الحكومية وحساباتها الختامية للسنة المالية 2012/ 2011 «أكد على تأخر هذه الوزارات والإدارات في تحصيل 592 مليون دينار في نهاية تلك السنة المالية. وكما هو معتاد فإن اللوم يوجه لضعف الرقابة والتقاعس عن المتابعة والقصور في آليات الرقابة والمراجعة المحاسبية لدى مختلف هذه الجهات. لكن هل يمكن أن تتحسن قدرة هذه الجهات في التحصيل خلال السنوات المقبلة بفعل الترشيد الوظيفي ومتابعة توجهات ديوان المحاسبة؟ لا شك أن هناك عجزاً مهماً في القدرات التنفيذية في الجهاز الإداري الحكومي لا يمكن معالجتها بالنوايا الحسنة أو بالتقارير الدورية. المطلوب هو إعادة النظر في فلسفة الخدمات الحكومية وكيف يمكن أن يتطور التحصيل بموازاة ترشيد الاستخدام أو الاستهلاك لهذه الخدمات.. ويتضح أن نسبة مهمة من الأموال تعود لوزارة الكهرباء والمياه وهنا التساؤل حول جدوى استمرار تقديم هذه الخدمة من الدولة، ولماذا لا يتم تخصيص مرافق الكهرباء والمياه إلى القطاع الخاص واستدراج أفضل الشركات العالمية المتخصصة للعمل في هذه المرافق بالمشاركة مع القطاعين العام والخاص في الكويت، كما عمدت إلى ذلك حكومات عدد من بلدان الخليج العربي؟
هناك الآن، في السعودية والامارات، شركات متخصصة تقوم بتوفير الكهرباء والمياه للمستهلكين بموجب معايير اقتصادية وبشروط واضحة، وبتكاليف اقتصادية معقولة وفي ظل منافسة مناسبة. إن إنتاج الكهرباء والمياه في الكويت، وكما ورد في العديد من التقارير، يواجه العديد من المشكلات الفنية والاقتصادية بما يتطلب تجويد الخدمة والارتقاء بها والسيطرة على التكاليف ووقف الهدر المزمن، وفي الوقت ذاته السيطرة على الاستهلاك غير الرشيد من قبل المستهلكين بكل نوعياتهم وشرائحهم. ولا يمكن تحقيق أهداف الكفاءة والترشيد دون تخصيص المرافق واعتماد فلسفة خدمات مختلفة تؤكد على تحقيق عائد من بيع هذه الخدمات الحيوية. وما ينطبق على الكهرباء والمياه يمكن أن ينطبق على خدمات الاتصالات الهاتفية الأرضية وعدد من خدمات البنية التحتية.
يضاف إلى ذلك أن هناك أهمية لتطوير المفاهيم والقيم المجتمعية التي تتعلق بالحصول على الخدمات، ومن بينها الخدمات الصحية، حيث لا بد أن يشعر المستهلك النهائي بأن هناك ثمناً مقابل أي من هذه الخدمات ما دامت تقدم من قبل الحكومة وليس القطاع الخاص.
وإذا كانت الحكومة عاجزة عن تحصيل حقوقها فإن عليها أن تعزز دور القطاع الخاص، أو مشاركته، في تقديم الخدمات الملائمة.
أهم من كل ما سبق ذكره يجب تعزيز قيم الترشيد في استخدام الخدمات، ومن المعلوم أن الاستخدام لأي من الخدمات في الكويت يتسم بالإسراف وعدم الاهتمام بالتكاليف بما يؤكد أهمية إعادة هيكلة ملكية وإدارة العديد من هذه الخدمات!
عامر ذياب التميمي
باحث اقتصادي كويتي
ameraltameemi@gmail.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق