عبداللطيف الدعيج: ساعدوا المحتاجين فقط

المجاميع الاستحواذية من النواب، وبالذات النواب والسياسيون السابقون، اذونا وازعجونا كثيرا بقضايا الفساد، وبالتعديات المزعومة على المال العام. وكل هذا بهدف فتح الباب على مصراعيه للمنح والعطايا التي يعدون بها ناخبيهم ومن يتعيش على هبات وعطايا الدولة من المواطنين.

تقارير ديوان المحاسبة الاخيرة التي نشرت بعضها القبس في الاسبوع الماضي، لم يشر أي منها الى قضايا اختلاس مالية أو حتى تسيب ملحوظ في صرف الادارات والمؤسسات الحكومية، عدا مجلس الوزراء على ما اظن. التقارير خلت من اي اعتداء واضح وبيّن على المال العام، لكنها زخرت بالكثير من المبالغ على شكل غرامات وحقوق لم يتم تحصيلها منذ زمن لكثير من الادارات الحكومية على المواطنين. اغلب الادارات الحكومية التي تتعامل مع الجمهور، وتقدم الخدمات – التي هي في الاصل مدعومة ورخيصة التكاليف – لديها مبالغ بالملايين تعجز عن تحصيلها بسبب مماطلة المواطنين واصرارهم على عدم دفع مستحقات الدولة عليهم. هذا يؤكد ما طرحناه، وكررناه، من ان الحرامي «العود» هو المواطنون. والنهب والسلب الحقيقي سواء المشروع، على شكل خدمات مدعومة، أو غير المشروع المتمثل بالتهرب من دفع مستحقات الدولة أو الاستحواذ غير الشرعي على الخدمات والمنح الاضافية، هذا النهب والسلب يتولاهما المواطنون الذين يجدون الدعم والتأييد من نوابهم وممثليهم في البرلمان الذين تولوا لسنين حمايتهم والدفاع عن اخطائهم بحجة محدودية الدخل أو بحجة ان الكل يسرق ويختلس فلماذا ليس المواطن المحتاج..؟!

ازعجونا وقضوا مضاجعنا بدعاوى الفساد والسرقات، علما باننا منذ سنوات، بل عقود لم ننفذ اي مشروع حكومي، ولم يتم تحقيق اي اعمار أو القيام باي انتاج. حتى مشاريع «البوت» تم ايقافها منذ زمن. بينما المشاريع العملاقة والضخمة تم الغاؤها وصرف النظر عنها بسبب دعاوى الفساد والتكسب المزعوم، تم صرف النظر عن حقول الشمال والداو كيمكال والمصفاة الرابعة، وتوقفت الى حد ما حركة التشييد والانتاج. نواطير المال العام ومكافحو الفساد صار لهم سنين وهم يطنطنون بمشروع جسر جابر ولا شيء غيره. لا لشيء الا لان مشروعا آخر لم ينفذ حتى الان، وتقارير ديوان المحاسبة الاخيرة تشهد على ذلك.

ان على الحكومة ان تصرف النظر تماما عن مسألة اسقاط القروض، غير العادلة وغير الضرورية. كما ان عليها ايضا ان تصرف النظر عن المنح العامة التي تمنح للمحتاج ولغير المحتاج، للمولود ولمن يعيل وعليه التزامات الدنيا. اذا كان هناك نية لرفع الضنك عن المواطنين، فليكن فعلا رفعا للضنك ودرءا للحاجة، وليس تبذيرا على من هم ليسوا بحاجة وعلى الذين من المفروض ان يردوا بعض ما عليهم للدولة بدفعهم الضرائب أو بتسديدهم تكاليف الخدمات الحقيقية.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.