عبداللطيف الدعيج: تجارة الإقامات جزء من السياسة العامة للدولة

وزيرة الشؤون السيدة ذكرى الرشيدي، هددت وتوعدت قبل اسابيع تجار الاقامات. وأعلنت انها ستحيل أي مخالف أو تاجر اقامات الى النيابة. وكل ما خرجت به مؤخرا وزارة الشؤون تنفيذا لهذا التهديد والوعيد الناري ترقيم المخالفين، بارقام ستة وسبعة وخمسة وسبعين. والرقم خمسة وسبعون هو «المقرود» لان العامل – تصور العامل- المضبوط يتم تسفيره!

لا شيء على رب العمل، أو بالاحرى تاجر النخاسة، والبائع والمتاجر بعرق المساكين وآمالهم. بل العقاب، حسب الرغبة العارمة بانهاء تجارة الاقامات التي ابدتها السيدة الوزيرة، العقاب يتلخص في ابعاد العامل المسكين. هذا العامل، الذي ربما باع بقرة العائلة، أو جل ممتلكاتها، وربما شرفها أيضا، كي يصل إلى ارض الاحلام ويعمل في الكويت حتى يحقق مستوى افضل لعائلته. يتحصل تاجر الاقامات المذنب على «تحويشة» عمره وعمر عائلته وينتهي به المطاف مرميا على الحدود. بينما مصاص الدماء والمتلاعب بآمال البشر وأموالهم يستمر في التحضير للضحية أو الضحايا التالين.

هناك إصرار حكومي على محاربة الفساد، واذا كانت الحكومة عاجزة عن ضبط تجار الاقامات، فكيف ستتمكن من ضبط عمليات الاختلاس القائمة اصلا على عمولات وصفقات مشروعة ومبررة في العمل التجاري؟ لكن عندنا تتم المبالغة فيها أو التلاعب في مواصفاتها ذات التقنيات العالية التي تستصعب بالطبع على مفتشي وعموم موظفي الحكومة. كيف ستحارب الدولة الفساد وهي عاجزة منذ عقود وعقود عن السيطرة على تجار الاقامات؟ رغم ان الامر في الكويت اكثر من هيّن. قل لي ما هو اسمك اقل لك كم عاملاً تحتاج! وليس ابسط وليس اسهل من هذا، فالتاجر معروف، والمقاول معروف والمتلاعب الذي لا يملك غير رخصة اسمية معروف ايضا. ويكفي ان تحدد وزارة الشؤون أو الداخلية عاملا واحدا سارحا بلا عمل حقيقي حتى يمنع كفيله من ممارسة الكفالة، حتى الشخصية منها، الى الابد. بل لماذا لا يحكم بسنوات خمس أو عشر جراء تلاعبه بقوانين الاقامة وسرقته عرق البشر.؟! هذا طبعا ان كانت هناك جدية في وقف المتاجرة بالبشر وفي ملاحقة المتلاعبين والمتعيشين على الاقامات. لكنها جزء من الدولة الريعية، هناك من يتعيش ويتكسب على الدولة، وهناك من يتكسب ويتعيش على آلام الوافدين وأنّاتهم، وكل هذا برضا السلطة ومباركتها العلنية ايضاً.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.