يبدو أن نواب الإرادة (الأغلبية) يراهنون على الوقت لنسيان ناخبيهم والشعب الكويتي قضية قوانين النزاهة السياسية المتعلقة أساساً بقانون كشف الذمة المالية للقياديين والسياسيين (نواباً ووزراء) ومراقبة وتقنين الصرف الانتخابي، وعلى عكس شعارات الحملة التي أسقطت رئيس الوزراء السابق والتي كانت شيكات النائب د. فيصل المسلم أول عناوينها، وتوالت بعدها قضايا الإيداعات المليونية والتحويلات، وكلها قضايا تتعلق بذمة السياسيين المالية، وهو ما يستدعي أن تكون أولى أولويات نواب الإرادة في البرلمان الحالي هي معالجة قضية ضبط النزاهة المالية للسياسيين، فإن زعماء ساحة الإرادة الذين تم انتخابهم، أصبحوا “سكتم بكتم” عندما تتم إثارة قوانين النزاهة السياسية. ورغم أنني وعدداً من الزملاء الكتاب والناشطين السياسيين أثرنا مراراً منذ انتخاب المجلس الحالي موضوع إقرار قانون كشف الذمة المالية بوصفه مفتاح الإصلاح السياسي الحقيقي والفعلي في الكويت، فإنه لا حياة لمن تنادي، ولا يعلق أي نائب على هذا الموضوع تحديداً، حتى كبار ساحة الإرادة من النواب، مثل الرئيس أحمد السعدون وزعيم الأغلبية المفترض النائب مسلم البراك، لا يعلقون ولا يتحدثون عن هذه القوانين، وهو الأمر الذي يثير تساؤلات مهمة حول صدق رغبة الأغلبية التي أقامت البلد ولم تقعده حتى أسقطت البرلمان والحكومة السابقة من أجل محاربة فساد الحياة السياسية وما أسموه “القبيضة”، واليوم يحاولون دفن قانون الذمة المالية بكل السبل والحجج والمبررات القانونية والشرعية، ودفن حتى إمكانية ذكره من ضمن أولوياتهم التشريعية القريبة… وبناء على هذا السلوك ألا يحق لنا أن نتساءل: هل خُدِعنا جميعاً من أبطال ساحة الإرادة؟! بلا شك إذا استمرت أغلبية الإرادة في التسويف وتجاهل ردها أو تحركها لاستعجال إقرار قانون كشف الذمة المالية، مُصرة على لجان تحقيق برلمانية حول قضايا الإيداعات والتحويلات فقط… فإن الإجابة عن التساؤل ستكون: “نعم خُدِعنا، والكثير من أبناء الوطن ممن وُجدوا في ساحة الإرادة كانوا في خضم لعبة كراسي سياسية كبيرة وصراعات مراكز سلطة ومال ونفوذ، وترتيبات اجتماعية وسياسية تحاول أن تفرض وجودها على الساحة، ولم تكن شعارات الإيداعات و”القبيضة” وكشف الذمة المالية وشيكات المسلم سوى “عدة” الشغل، وفرقعات الألعاب النارية التي تجذب العامة إلى ساحة العرض والـ”شو”… ولذلك فإن مضمون الإصلاح السياسي الذي رُوِّج في ساحة الإرادة، من كشف للذمة المالية وتقنين الصرف على الحملات الانتخابية وخلافه من القوانين التي تمس لب النزاهة والإصلاح السياسي، لن يكون من السهل إنجازه أو حتى طرحه في المستقبل القريب. *** تجاهل نواب الأغلبية للرد على موقفهم من قوانين النزاهة السياسية (كشف الذمة المالية، تقنين ومراقبة الصرف على الحملات الانتخابية) لن يجعلنا ننسى أو نتعب من تذكير الرأي العام به، ولذلك بين كل فترة وأخرى سأضع عداداً زمنياً لعدم إنجاز تلك القوانين، وأتمنى من الزملاء الذين يشاركونني نفس الاهتمام أن يضعوه في نهاية مقالاتهم كلما تيسر لهم ذلك، على النحو التالي: (3 جلسات لمجلس الأمة دون إقرار قوانين النزاهة السياسية – كشف الذمة المالية وتقنين مراقبة الصرف على الحملات الانتخابية). *** استجابة رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون لما طالبت به في مقالة سابقة لي بعودة الصحافة إلى موقعها في قاعة عبدالله السالم، المثبت منذ المجلس التأسيسي على جانب قاعة النواب منذ كانت القاعة في مبنى المجلس البلدي، وبعد الانتقال إلى المبنى الحالي وطوال 50 عاماً، يؤكد ما عرف عن السيد السعدون من تمسكه بدور الصحافة وتكريس مكانتها في المجتمع الكويتي، شكراً بوعبدالعزيز، ونتمنى أن تلحقها خطوتا عودة كاميرات التلفزيونات الفضائية إلى القاعة طوال الجلسة، وإزالة كم الحواجز الحديدية الضخم في ممرات مبنى مجلس الأمة، والتي تحولت إلى ما يشبه مركز اعتقال.
قم بكتابة اول تعليق