مريم الجمعة: ناشط سياسي

اليوم، وكل يوم، تطالعنا صفحات الجرائد، ونشرات الأخبار، والبرامج السياسية، وحتى التويتر، بأسماء ووجوه، اتخذت من مُسمى مرموق، بات للأسف، يشار به لمن ليس له أي مسمى.
الناشط عموماً، فرد يفترض به العمل، في إطار نشاط يقوم عليه منفردا أو بمشاركة عدّة أفراد، بهدف أحداث تغيير ما، في المجتمع. قد يكون ذاك التغيير، اجتماعياً أو اقتصادياً أو سياسياً، وفقاً للنشاط المنوط به.
المشهد السياسي في الكويت، أبرز على الساحة، عدداً ممن يعملون تحت مسمى الناشط السياسي، ذاك النشاط الذي يندرج تحته عادة، ووفق ما هو متعارف عليه دولياً، من ينتمون لفكر سياسي، اما إسلامي أو ليبرالي أو اشتراكي، من فعاليات يفترض بها ان تتمتع بخلفية سياسية ثقافية، وان تكون منضمّة لحزب ما، أو مشاركة في تكتل نيابي أو شعبي، وقد يكون للبعض منها تاريخ أو منصب سياسي.
الناشط السياسي، أو بمعنى أدق، من يُسمى بالناشط السياسي، في الكويت، في غالب الأمر لا ينتمي لأي فكر، وليس له أي خلفية ثقافية تذكر، وغير منضمّ لأي حزب أو تكتل، ولا له أي منصب. قلّة قليلة من الفعاليات السياسية الناشطة، لها توجهات، ورؤى وأفكار محددة، بصماتها واضحة في تاريخ السياسة الكويتية. أما الأغلبية الغالبة، ممن يُسموّن ناشطين سياسيين، فلا توجهات لديهم، ولا أفكار، وليس لديهم من الرؤى، سوى السطحية التي يتسم بها من يحركهم، من أفراد لهم بصمات مبهمة، تُعنى بمصالحهم الخاصة، فقط لا غير.
الهمّ السياسي، أمر له من يعنى به، أما الهمّ الإعلامي، فلابد له من وقفة جادّة، من قبل القائمين عليه، تجاه هؤلاء، ممن باتوا أكثر من الهمّ على قلب المشهد السياسي، أشير الى ذلك بالهمّ الإعلامي، لأن مسؤولية بث الهمّ، تقع على عاتق الإعلام بتنوع قنواته، المقروءة والمرئية والمسموعة، التي ما لبثت ان تبث لنا، تلك الأسماء والوجوه، مسبوقة بمسمى «الناشط السياسي الفلاني»، و«الناشطة السياسية الفلنتانية»، ممن لا تتعدى أدوارهم المشاركة في المسيرات والاضرابات، أو الكتابة في التويتر والمدونات، أو حتى الارتجال في الندوات والخطابات السياسية. الأمر الذي يؤثر سلباً، في الناشط السياسي الحق.
متى ما توقف الإعلام وقنواته عن تضخيم تلك الأسماء، وبهرجة تلك الوجوه، واتاحة ظهورها مقرونة بذاك المسمى أو غيره من المسميات، التي بدت مجرد برستيج، لا أكثر ولا أقل، بقي كل منها بحجمه الحقيقي في المجتمع.

مريم حسين مكي الجمعة
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.