مسيرة المعارضة الأخيرة؛ التي يطلق عليها منظموها «كرامة وطن 6»، كان لها متغيران اثنان يستطيع المتابع ان يسجلهما للاستفادة، ويشارك القراء الاعزاء في تحليلهما.
الاول: ابعاد القوات الخاصة عنها في اسلوب جديد مع عدم السماح لها رسميا، مما جعل منظموها يشعرون بأنهم هم المسؤولون عن امنها بالدرجة الاولى، لذا فإنهم اختصروها بشكل سريع وحاولوا انهاءها ليردوا التحية بأحسن منها لوزارة الداخلية، بل حتى الشعارات والهتافات التي انطلقت منها كانت اقل صخباً من سابقاتها.
واستطاعت وزارة الداخلية بهذا الاسلوب تجنب الصدام اولاً مع بعض المتظاهرين، كما تجنبت الاتهامات المتعددة التي تتلقاها وزارات الداخلية في العالم حين يحدث صدام بينها وبين المتظاهرين في اي مكان في العالم.
الثاني: هو اصرار بعض المتظاهرين الذين يشكلون جزءاً من هذه المسيرة على مواصلتها كما في السابق الى الدائري السادس، وهو شارع حيوي كبير يخدم الكثير من المحال التجارية والسكنية.
هذه المواصلة للمسيرة احدثت ارباكاً مرورياً كبيراً، حاول منظمو المسيرة تجنبه، واحدث ايضا محاولات صدام بين المتظاهرين وبعض المواطنين اصحاب المركبات الذين تعطلت اعمالهم بسبب ايقاف حركة المرور في هذا الشارع. «وزاد الطين بلة» كما يقال حين قام بعض المتظاهرين بالاعتداء على سيارات النجدة المتفرقة، والتي صادف وجودها في هذا الطريق وسط الزحام المروري.
لذا فإن من المفترض الاستفادة من هذه الحادثة بأن يكون هناك نوع من التنظيم والادارة المشتركة لهذا النوع من المسيرات بين رجال الامن ومنظمي التظاهرات، وهو ما يحدث في جميع الانظمة الديموقراطية في العالم. واذا اخذنا بريطانيا على سبيل المثال التي يحدث فيها العديد من المسيرات والتظاهرات والاحتجاجات على مدار العام، فإن القانون هناك يحتم على الجانبين (أي: مسؤولي الأمن والمتظاهرين) وجوب التعاون معاً لتحديد مكان وزمان التظاهرة ومدتها واسماء بعض منظميها للعمل معا على حسن ادارتها والخروج بالنتائج المطلوبة منها دون التسبب بإعاقة حركة المرور او مضايقة المشاة او اغلاق المحلات التجارية.
هذا ما كنا ندعو اليه دائما من خلال سن قوانين تنص على ان «الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة وفقا للشروط والاوضاع التي يبينها القانون» كما هو مبين في المادة 44 من الدستور، والتي تكمل النص بالقول «على ان تكون اغراض الاجتماع ووسائله سلمية ولا تنافي الآداب».
د. عبدالمحسن يوسف جمال
ajamal2@hotmail.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق