فكرة او اشاعة العفو العام، التي تم تداولها مؤخرا ورفضها ايضا بقوة من قبل بعض اعضاء مجلس الامة، فكرة في محلها، ومن المفروض ان تأخذ حقها من البحث والتمحيص، والا ترفض بهذه العجالة والقسوة اللتين أبداهما بعض أعضاء مجلس الأمة.
ولوضع الامور في نصابها فإن المفروض ان نسميها بفكرة او قضية «التصالح العام» وليس العفو العام. ففي الواقع الحكومة ليست طرفا في القضايا حتى تتمتع بحق اسقاطها او التنازل عن الدعاوى، لذا فان العفو بمعنى التنازل غير وارد، او بالاحرى غير ممكن الا بعد صدور الاحكام. لذا يجب ان تبقى مصالحة وطنية وعودة الى الاتفاق والوفاق بين اطراف المجتمع الكويتي وأطيافه، بلا غالب او مغلوب او مخطئ ومصيب. طبعا سيكون المحور او الاولوية هي «العفو الاميري» عن كل المدانين بتهم امن الدولة او جرائم التعبير عن الرأي، سواء الاعلامية او تلك التي نتجت عن التظاهر او التجمع او المرفوعة عليهم قضايا بهذا الخصوص. والعفو هنا مقصود منه ليس اسقاط العقوبة عن المعنيين فقط، بل فتح حوار عام مع الجميع بهدف التقريب بين المختلفين سياسيا من ابناء الوطن.
ان الذين دينوا بجرائم الرأي، او بالمبالغ فيه من جرائم امن الدولة، مواطنون مخلصون، ربما تحمسوا اكثر من اللازم، او اجتهدوا في الطريق الخطأ، لكنهم ليسوا طلاب مصالح ذاتية، او سعوا او يسعون لتحقيق مكاسب فردية او عائلية لهم او للمقربين منهم. جميعهم ابناء هذا الوطن، ربما أخطأوا وهذه فرضية، وربما ايضا لا نزال نحن بعيدين عن الرؤية الصحيحة التي يرون.. هذا محتمل. فرأي الاغلبية ليس بالضرورة دائما هو الرأي الصح.
لهذا، فان فتح حوار وطني ومحاولة ضم «الاخوة المارقين» ضرورة وطنية، وضرورة سياسية، لحاجة الوطن لرؤى جميع فئاته وطموحاتهم. ان الذين رفضوا من اعضاء مجلس الامة فكرة التصالح، باعتبار ان «المعارضة» مجموعة مفسدين ومخربين والى آخر الاتهامات القاسية، عليهم ان يتذكروا ان بعضا منهم ومنا ايضا شارك في عمليات «تخريبية» وحتى ارهابية في السابق. وحاليا يتمتع بثقة أعضاء المجلس أنفسهم وحمايتهم.
القضية الاساسية ان «المغضوب» عليهم، او الغاضبين ايضا، طلاب مصلحة عامة، وسعاة خير وخدمة وطنية، وليس هناك دليل قطعي على انهم أخطأوا واننا المصيبون.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق