سألني أحدهم مؤخرا عن حق الشعب في الكويت، قلت له ما أخطه اليوم بأسف عن بلدي، وأنا على يقين بأن الأمور لا بد لها من أن تستقيم قريبا. وبالرغم من ضبابية الموقف اليوم إلا أنني أعتقد أن ضجيج الغوغائية بدأ في الزوال، وما يروج له البعض أن السلطة في طريقها لترضية خواطر من يسمون مقاطعة ومعارضة وغيرهم من خلال بعض الوسطاء أو مؤتمر مصالحة أو جلسة ترضية هي إشاعة لئيمة، وجزء من الحرب النفسية التي يمارسها من يحتضر وهو يلفظ أنفاسه من شدة الحقد والغضب، وهو يعضّ أصابع الندم على ما قام به وهو في أوج التسلّط على رقاب الناس، قبل أن يطيح به القانون.
قلت لمحدّثي: ما أبطل المجلس السابق هو قرار المحكمة، لم تكن مسيرة ولا غيره، ولولا فضل الله علينا لكنا إلى اليوم نرزح تحت رحمة الصراخ والويل والثبور لمن يعترض على أي من نواب الأمة الذين صنف عدد منهم أنفسهم وأعوانهم وأهلهم وجماعاتهم في هالة خاصة أقرب إلى التقديس، لا يحق لأي من الشعب أن يتحدّث بكلمة عنهم أو ضدهم، واستفادوا من كل ما قدّم لهم من سلطة وواسطات لمزيد من الفساد لا الإصلاح، وكان كتب لنا نحن الشعب أن نبلع السم باعتبار أنهم محصنون. لقد تحولت الحصانة البرلمانية بالنسبة لهم سلاحاً ضد الشعب، فلا استغراب من موقفهم اليوم وهم يرون أنفسهم خارج الصورة بعد أن كانوا يديرون البلد، ولا عزاء لنا نحن الشعب! بعض من هؤلاء النواب يواجهون اليوم أحكاما قضائية، وعليهم أن يتسلّموا مستحقاتهم من القضاء الذي كثيرا ما نال من المدح أو الذم طبقا لأهوائهم، فتارة القضاء العادل وتارة القضاء غير النزيه؟! ألم تكن تلك تصريحاتهم النارية؟! نعم نحن الآن بحاجة إلى أن نرى العدالة الحقيقية على يد القضاء، ولا يحق لمسؤول التنازل عن حق الشعب في القصاص، خصوصا إن مس الأذى أمة بأكملها، ووطنا مسالما مثل الكويت. نعم نحن أهل الكويت نريد أن نرى القضاء يقتصّ لنا ممن نال من سمعة بلدنا وسمعتنا كمواطنين، وعواطفنا، وعاث بها خرابا، وهو يلتحف بعباءة الدستور والحصانة والإعلام، هذا هو حق الشعب المقدس.
معارضة.. مقاطعة، لا فرق، فهما وجهان لعملة واحدة اسمها المصالح، يحركها لاعبون كبار يجلسون في منازلهم الدافئة في هذا الجو البارد، ويأمرون أعوانهم بالتراكض في الشوارع الباردة بلا مطالب واضحة ومحددة سوى السعي للتصادم مع الشرطة، ليقضوا أياما، وربما سنوات، ملتحفين أرض السجن الباردة، بعيدا عن أهلهم، يدفعون ثمن الولاء لأسياد المصالح. مسيرة واحد إلى مليون، وربما أكثر، مرخّصة أو غيره نفهمها ولا نقبلها، ولكن عندما تخرج الأمور عن نطاق السيطرة ويعتدى على أملاك الحكومة من سيارات الشرطة، وهي افتراضا ملك لنا (الشعب) وهذا طبيعي، فالعنف لا يولِّد سوى العنف، يتبرأ هؤلاء من الشباب ويقولون ليسوا منا! ألستم من نادى بالحراك الشبابي؟ من أجل ماذا؟ إسقاط قانون منظور تحت يد القضاء؟ إسقاط المجلس أو إسقاط الحكومة، أم ماذا؟ وهل أصلحت الفوضى ديارا؟ لماذا على الشعب أن يحتمّل هذا التطرّف والفجور، ومن أجل ماذا؟ ومن أجل من؟ نعم علينا نحن الشعب أن نتمسّك بمطالبة القانون أن يتسيد الساحة ليقتصّ من هؤلاء، هذا هو حق الشعب المقدّس، ولم لا؟
المضحك المبكي أن يطلّ على أسماعنا من يهدد باللجوء إلى المنظمات الدولية للشكوى ضد بلده، وهو ممن استفاد من خيرات الفساد والفوضى بعين وقحة. هل يُعقل أن يشتكي مواطن كويتي على بلد مثل الكويت؟ ماذا تركتم للآخرين؟ ماذا تركتم لجيرانكم ممن ذاق ويلات الحياة تحت نظام دكتاتوري يسقيه الموت والخوف، ولم يتربع مثلكم على عروش؟ عار عليكم، واحترموا أنفسكم.
مؤخرا أحد أقطاب المعارضة ممن نخره هوى النفس، زار إحدى العوائل، وإذا به يواجه بسيل من النقد الجارف حول موقفه المخزي، وقف مدافعا عن الفساد، مقتنعا بأن ما يقوم به خدمة وتضحية.. خرج بعدها مصحوبا بسخرية من رجالات هذه العائلة غير مأسوف عليه.. نعم حق الشعب أن يواجه هؤلاء بمواقف الخزي والعار، لأنها تسيء إلينا كمواطنين، وتسيء إلى بلدنا، وحقنا كشعب ألا نسمح لمسيء أن يجلس بيننا، ولا يتقوّل علينا ويهددنا باللجوء إلى منظمات دولية. وللعلم، هل تجرأت تلك المنظمات الدولية التي تحاولون الاحتماء بها أن تتحدث عمن يمولها، وأهدافها، ولماذا تدعم مطالباتكم؟
نحن الشعب لنا واجب تجاه بلدنا، هو أن نصون سمعته ممن يحاولون النيل منه، ولا فرق بين مواطن وآخر، سواء كان نائبا أو وزيرا أو غيره. هذا هو حق الشعب، وبالقانون والدستور، وموتوا بغيظكم.
منى علي الفزيع
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق