هناك من يريد ان يتذاكى أو يجعل من الحبة قبة في امر تعديل قانون الانتخاب، الذي يتم تداوله هذه الايام بين اعضاء مجلس الامة، فبحث المجلس في امر التعديل حاليا مشروع وضروري، اما اقرار القانون أو مشروع التعديل بالسرعة التي يزعمها المتذاكون، وقبل حكم المحكمة الدستورية، فهو انتحار سياسي وانتهازية مرفوضة واعتداء، أو على الأقل التفاف واضح على السلطة القضائية. بل هو ان شئنا المبالغة أو الحديث بنفس المتذاكين ذاته استهانة بسياسة وقرار حضرة صاحب السمو أمير البلاد، الذي اعلن مسبقا احترامه لحكم المحكمة الدستورية!
ليس هناك تعديل بهدف استباق حكم المحكمة الدستورية، واذا كان هناك مريض يعتقد بذلك من نواب المجلس الحالي، فعليه ان يراجع نفسه. ليس لان مجلس الامة الحالي لا يملك الحق أو غير مؤهل لهكذا تعديل، ولكن لان التعديل ضمن الاحتفاظ بطبيعة القانون الحالي وخواصه مرفوض، باعتبار ان القانون الحالي كان تعبيرا عن حالة «ضرورة»، وان المفروض ان يتم اقرار قانون يكون دائما بعد تعاون وتراض بين كل المختصين والمعنيين.
ان مضمون واصول قانون الصوت الواحد تعود الى ان الهدف هو ان ينتخب كل مواطن من يمثله، ويعبر عن رأيه ونواياه في مجلس الامة. لهذا فانه كلما ضاق نطاق الانتخاب كان ذلك اقرب الى الهدف، واكثر تحقيقا لمضمون واهداف القانون النبيلة. الاساس كما بيّن قبلنا البعض، ان الاصل في النظام الديموقراطي ان يقرر الناس شؤونهم العامة بشكل مباشر. ولان اجتماع كل الناس أو كل الشعب لتحقيق ذلك مستحيل، فإن الحل هو ان ينتخب الناس من يمثلهم ويحضر نيابة عنهم. هذا الانتخاب أو التمثيل يجب ان يبقى قريبا أو ان يكون مثيلا حقيقيا لحالة الحضور المباشر. بمعنى انه كلما كان الممثل، أي النائب، يمثل اقل عدد ممكن من الناخبين تحقق الهدف الانتخابي النبيل من تمثيل كل الشعب بشكل مباشر. على هذا يصبح الانتخاب وفق دوائر كبيرة الحجم أو عظيمة العدد كالدوائر الحالية غير صالح أو موائم للعملية الانتخابية المعنية بشكل حقيقي في تمثيل المواطنين. لهذا فان المطلوب هو زيادة عدد الدوائر أو تحقيق الاقرب الى الانتخاب المباشر من حالة الدوائر الخمس.
اي ان المطلوب بوضوح، من اجل تحقيق الانتخاب الديموقراطي المباشر هو تعديل الدوائر الى خمسين دائرة تنتخب كل دائرة ممثلا واحدا عنها. طبعا سيثير المشككون والمعترضون اصلا على نظام الصوت الواحد مسألة شراء الاصوات. وهذه كذبة كبرى واعتقاد واهم، فالاصوات الاربعة كانت توفر فرصة افضل للبائع والمشتري، خصوصا ان الكثير من المواطنين دائما يكون محتارا في الصوت الرابع.. لمن يذهب! كما ان المواطن يبقى في النهاية حرا في قراره، وليس هناك فرق كبير بين ان ينتخب من دفع أو ينتخب من يعتقد انه يمثله ويعبر عنه.
ان المطلوب تشكيل فرقة وطنية من الفنيين واهل الاختصاص من ابناء الكويت، يترأسهم ويوجههم قضاة ثقاة لإعداد قانون انتخابي جديد تتبناه الحكومة وتقدمه لمجلس الامة كخيار وطني عام.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق