حتى الآن لم تخرج الوزيرة ذكرى الرشيدي عمّن سبقها في وزارة الشؤون، فالتصريح القوي الصادر منها بأنها جادة وتسعى للقضاء على تجار الإقامات، قد يمر مثل ما مر أكثر من تصريح لأكثر من وزير من وزراء الشؤون.
قد يمر ويعفو عليه الزمن ما لم تقرأ الوزيرة وبتمعن تقرير ديوان المحاسبة الرهيب الذي نشرته القبس أخيراً حول ظاهرة تجارة الإقامات.
عندما يؤكد التقرير ان العلة ليست في التاجر فقط، بل ببعض موظفي الوزارة ذاتها، فالتقرير يؤكد ان ضوابط تقدير احتياجات الشركات من العمالة غير موجودة، وأن الأمر لا يعدو كونه اجتهاداً شخصياً للموظف، والأمر لا يقف عند هذا الحد، بل يصل إلى أن موظفين يدخلون النظام الآلي خارج أوقات الدوام ويتلاعبون بالملفات، أضف إلى ذلك التسيب، ليس ذلك فحسب فهناك من يقوم بإضافة مهن إلى ملفات وشركات لا تتناسب وطبيعة عملها. هم أيضا يقومون بتسجيل عمال على شركات لم يتم تقدير احتياجاتها!
نعم، كل ذلك ورد في تقرير ديوان المحاسبة. والخطوة الأولى لكي تبدأ الوزيرة ذكرى الرشيدي بالقضاء على تجارة الإقامات، هي بتنظيم العمل في الإدارات المعنية، ووضع خطوات امنية على الدخول على الكمبيوتر، كما انها مطالبة بوضع ضوابط صارمة لتقدير احتياجات الشركات من العمالة والتدقيق على المهن التي تتعلق بأعمال الشركة. والأهم من ذلك كله «نبش» ملفات موظفيها، وتشكيل لجان تقصي حقائق من خارج الوزارة لمعرفة الجوقة الفاسدة لديها، فالعبرة ان تعدل موظفيها وتحاسبهم مثل محاسبة التاجر،
فالتاجر يهمه الربح أولاً حتى وإن فعل ذلك بطرق غير قانونية، فالقانون كما نعرف كلنا، كما نعرف أسامينا، غير مطبق في الكويت، ولكن أن يكون الحارس المؤتمن على ادخال المعلومات هو الموظف، وهو من يجب ان يعاقب بقسوة لكي يكشف المتلاعبين من تجار الاقامات الذين تعامل معهم.
فهل نأمل فعلاً بأن تكون الوزيرة عند وعدها وتصريحها، وتجابه المشكلة في الوزارة نفسها أولاً؟ وهل لديها الشجاعة لكي تقف في وجه هذه العصابات، سواء كانوا موظفين او تجارا، او شركات لا مهنة لها إلا تكديس العمالة مقابل المال على حساب الوطن والمواطنين، من دون النظر إلى عواقب تكدس هذه العمالة الزائدة، وتكلفتها على الخدمات التي أصبحت شحيحة ونوعيتها في أغلب الأحيان أصبحت سيئة، كل ذلك لأن الجشع والطمع يبقيان اهم من الوطن ومواطنيه.
نأمل ان تنجح الوزيرة في مساعيها، ولتبدأ بأوكار الفساد في الوزارة نفسها. وكلنا أمل ان تكون هي المساهم الرئيسي في ضبط العمالة الزائدة والفساد في الوزارة، مما سينعكس ايجابا على مشاكل كثيرة في البلد، كالأمن وفرص العمل للكويتيين وتحسين الخدمات.
د. ناجي سعود الزيد
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق