تجاوز حتى الآن نصف قرن على العمل بقانون الجنسية رقم 59/15 وفي خلال النصف قرن الماضي توالدت أجيال وأجيال. آباء وابناء واحفاد واحفاد احفاد. والكويتيون الاوائل الذين منحوا الجنسية منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر مع ما يعانونه من امراض الشيخوخة المزمنة او الانقطاع عن المجتمع.
تشكيل لجنة من رجالات الكويت لمراجعة ملفات الجنسية كلام مأخوذ خيره بعد هذه السنين الطويلة.
أذكر في مجلس (71) تقدم النائبان بدر ضاحي العجيل وجاسم اسماعيل جمعة بمقترح لمراجعة ملفات الجنسية شبيه بمقترح المجلس الحالي الذي قدم على شكل توصية ضمن حزمة التوصيات الامنية الى وزير الداخلية في اثناء انعقاد الجلسة الامنية الاخيرة الا ان مقترح النائبين المذكورين لم يحظ بالموافقة من قبل الاغلبية، بل لعلي كتبت مقالة في جريدة «صوت الخليج» حينذاك دعوت النائبين المحترمين سحب مقترحهما لما قد يتسبب من بلبلة وقلق امني واجتماعي.
المواطن اذا حصل على الجنسية ليس هو المسؤول اذا حدث خطأ. ولكن الخطأ يتحمله المسؤول. وبالتالي فإذا كانت ثمة محاسبة على اخطاء الجنسية ينبغي ان يحاسب عليها المسؤول لا المواطن البريء. فهل تمسكون البردعة وتتركون الحمار..؟!!
لا يخفى وقوع اخطاء وتجاوزات كثيرة في الجنسية ومن تلك الاخطاء عشوائية التجنيس. واخضاع الجنسية للامور السياسية ورغم ذلك فلا احد من الذين منحوا الجنسية قد اظهروا خيانة او عدم الوفاء للكويت. ولعل الغزو العراقي الغاشم كان خير دليل عندما امتزجت دماء الكويتيين بكل طوائفهم واعراقهم من بدو وحضر وسنة وشيعة ومن عرب وعجم وطوائف اخرى، فلا مزايدة ولا فخر لاحد بوطنيته على احد. فكلهم كويتيون وسيبقون ان شاء الها الدرع الواقي والمكين لكويتيهم الغالية.
لقد طالبت في مقالات عديدة وأطالب الآن بحماية الجنسية من يد العابثين ونقلها من ملاك وزارة الداخلية الى حصن القضاء، وتكوين لجنة من ثقاة القضاة أو تخصيص دائرة تؤول اليها امور الجنسية من حيث الاستحقاق القانوني والحقوقي حتى اذا منحت الجنسية لمواطن منحت وفقا للقانون ووفقا لشروط الاستحقاق لا من خلال المزاجية والواسطات والتعديلات السياسية، فالكويت لا تحتاج لمزيد من التجنيس، ولا سيما التجنيس السياسي والعشوائي وانما حاجتها تجنيس الكفاءات والمؤهلات العالية من الضروري ينبغي ربط الجنسية بالتنمية وليس العكس كما وانه من الظلم سحب الجنسية تعسفا او نكاية وانما ان يتم السحب في سياق حكم قضائي. فأهمية الجنسية ليست بوريقاتها وانما بما تمنح حاملها الهوية الوطنية والاستقرار النفسي والامني.
لقد شكل معالي وزير الداخلية لجنة من قيادات الوزارة لدراسة التوصيات الامنية البرلمانية. ولعلنا بانتظار رأي اللجنة الامنية التي نرجو عدم زج الجنسية في السياقات السياسية. او الخضوع للاهواء والضغوط البرلمانية الشعبوية.
ان العبرة ليست بمن اكتسب الجنسية. وانما العبرة بمن تفانى وأخلص في العطاء، وهذا هو قمة الوطنية.
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق