احمد عيسى: المجلس يدين الاقتحام ونوابه


طويت يوم أمس الأول صفحة اقتحام مجلس الأمة بعد تصويت النواب على رفع الحصانة عن 9 من زملائهم المتهمين بالحادثة التي أصبحت الآن في حوزة القضاء الذي سيفصل فيها بعد تمكن النيابة من السير في إجراءات القضية ورفع الحصانة.
وعلى الرغم من أن الحادثة جرت حوالي قبل خمسة أشهر- تحديدا مساء الأربعاء الموافق 16/11/2011- فإنها مع تصاعد الأحداث وكثرتها آثرت إلا أن تكون حاضرة بتفرد في ذاكرة المجتمع لتدلل على حجم الأثر الذي تركته.
يوم أمس الأول عاد النقاش القديم مجدداً بين فريقين، فظهر البون شاسعاً في فهم الأحداث ووصفها، بين من اعتبره اقتحاما لمرفق عام ومن رآه انتصارا للدستور، وكان واضحا أن أثر هذا الحادث لم يُمح من نفوس معاصريه حتى الآن، فبينما أراد النائب عدنان عبدالصمد عرض مشاهد فيديو وصور للحدث قبل التصويت على رفع الحصانة عن النواب المتهمين بالاقتحام، رفضت الأغلبية على إطلاقها أن يتم عرض الفيديو، وكأنهم يخجلون مما فيه بمن فيهم النواب المقتحمون أنفسهم.
وكانت الملاحظة الأبرز في جلسة التصويت على رفع الحصانة أن الوزراء من أبناء الأسرة الحاكمة لم يشاركوا في التصويت عدا الشيخ محمد عبدالله المبارك، إذ لم يشارك في التصويت رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك ووزيرا الدفاع والخارجية أحمد الخالد وصباح الخالد إضافة إلى وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود.
بعد شهرين من نتيجة انتخابات مجلس الأمة وحوالي ثمانية شهور من تفجر قضية الإيداعات المليونية، بدا واضحا أن نواب الأغلبية يشعرون بالحرج من الشارع، إذ لا يزالون يستخدمون لغة الانتخابات والتهديد ولا يفعّلون أداوتهم الدستورية، ويتصرفون مع المجلس وكأنهم لا يزالون أقلية تمارس عملها بالشارع لا داخل المجلس، ولهذا أرادوا مصالحة الشباب والشارع فأخذوا خطوة للأمام وقرروا رفع الحصانة عن أنفسهم حتى لا يفقدوا قواعدهم ويكونوا عرضة لانتقادات ربما تودي بمستقبلهم السياسي، إضافة إلى استشعارهم بأجواء حل مقبل وموجة شعبية ترفض أداءهم المتواضع حتى الآن.
خلال جلسة رفع الحصانة، تناقضت أقوال النواب المقتحمين بين ما قالوه في القاعة أمام الجمهور، وما تحدثوا فيه داخل اللجنة التشريعية التي استدعتهم للاستماع لأقوالهم، حيث جاء على لسان النواب المقتحمين أنهم فخورون بما قاموا به يوم 16/11/2011 بل إن النائب مبارك الوعلان اعتبر حادثة الاقتحام إنقاذاً للبلد وتطهيراً للمجلس من فساد الرئيس السابق وأيتامه، كما قال بعد جلسة الأول من أمس، وكذلك مداخلة النائب خالد الطاحوس خلال الجلسة حينما قال إن النواب هم من قادوا الشباب لاقتحام مجلس الأمة، وهم من يطالب اليوم برفع الحصانة عنهم كي يشاركوا الشباب الحضور في ساحة القضاء حتى لا يواجهوا العدالة منفردين.
وكان واضحا أن تصريحات النواب للإعلام والجمهور جاءت للكسب الشعبي؛ بدليل أنهم قالوا هذا الكلام وما دار معه في نفس الفلك، ثم صوتوا عكس كلامهم على تقرير اللجنة التشريعية الذي نفى وجود أي كيدية بالاتهامات التي يواجهها النواب، كما جاء في تقرير اللجنة التشريعية المتعلق بطلب رفع الحصانة عن النواب المقتحمين ما نصه “ثبت من التقارير الطبية الأولية وتقارير قسم الطب الشرعي إصابة حرس مجلس الأمة ورجال الشرطة”، ويضيف “ثبت من تقارير مسرح الجريمة وجود آثار عنف على باب قاعة عبدالله السالم”، ويزيد التقرير بالإشارة إلى أن “النواب طلبوا رفع الحصانة رغم تحفظهم”، ثم تفجر اللجنة مفاجأتها بأن “الأوراق خالية مما يشير إلى كيدية الدعوى وأنه يتعين ترك الأمر إلى القضاء ليتمكن الأعضاء من الدفاع عن أنفسهم”، وهو التقرير الذي وافق عليه مجلس الأمة بما احتواه من إدانة ضمنية بحق النواب المقتحمين.
وإلى أن يفصل القضاء في هذه القضية تكون الكويت طوت صفحة مهمة من تاريخها، عنوانها الأبرز أن عهد فرض الرأي بالقوة والخروج على القانون بالعملية السياسية انتهى، وأن لدينا نوابا يقولون ما لا يفعلون، ويصرحون أمام الجمهور بشيء يخالف ما يقولونه خلف الأبواب المغلقة.
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.