الحكومة البرلمانية، أي التي تشكل من الأغلبية البرلمانية أو بدعم منها، هي الحالة الطبيعية لوضع الحكومة في ظل النظام البرلماني وهي غير متحققة للحكومة اليوم، وتأتي تصريحات النائب د. وليد الطبطبائي، المطالبة برئيس وزراء شعبي لإبعاد الأسرة الحاكمة عن هذا المنصب متوافقة مع أحكام الدستور، وهي لا تحتاج إلى تعديل للدستور، لأن الوضع الحالي يتناقض مع الدستور، وما نحتاج إليه لإصلاح النظام السياسي هو تعديل النظام الانتخابي بإدخال الأغلبية النسبية إليه مع أسلوب القوائم الانتخابية، الذي يحرم ويجرم معها الترشيح الطائفي أو القبلي والقوائم المستندة إلى ذلك، والذي هو الآن أحد أمراض التقسيم الحالي للدوائر، وهو سبب بروز الاستقطاب والتأجيج الفئوي. والخطوة الإصلاحية المحورية السابقة تحتاج إلى حكومة رجال دولة، وهو ما لا يتوافر للحكومة الحالية ورئيسها في ظل فقدان الدعم السياسي من النظام حتى الآن، وبكل أسف، وإن حاولنا تخفيف الأمر في وصفنا للحكومة، فلابد أن نضعها على المحك بمطالبتها بقرارات سياسية إصلاحية بأسلوب جذري، تحقق من خلاله منهجاً إصلاحياً حتى لو دفعت ثمنا له هو عدم بقائها بالمنصب، فالإصلاح يحتاج إلى رجال لا يتمسكون بالكراسي، ولا يستميتون على المنصب وحكومتنا الحالية ليست بحمل ذلك إلا إذا أثبتت الأيام خطأ رأينا فيها.
إن مجلس الأمة اليوم يتقاذف بأمواج أغلبيته الهشة هذه الحكومة بتصريحاته غير المدروسة، وبأولوياته المبعثرة التي زادت من ضياع الحكومة وتشتتها، فهي رهينة لها عن خوف لا عن قناعة وسدا لباب المساءلة وليست عن ندية السلطة والموازنة، فأضحت الحكومة ساكنة مستكينة تسيّر الأمور بلا ملاءمة، وتبقي على الأوضاع بعيدا عن الإصلاح والمبادرة، والأقلية من ناحية أخرى كتلة سطحية الاهتمام مشلولة القدرات بإرادتها، لم تتمكن من لعب دور المعارضة ولم تملأ مكانها، فهي فردية ومشتتة ولا تنسق حتى ما يعتبر أداء طبيعيا للحد الأدنى، فجاءت جهودهم استجوابات هزيلة لم تقدّم ولم تؤخّر شيئا، وهو ما تسبب أن يشيح الناس بوجوههم عن تلك الأقلية التي حتى لم تكتسب اسم المعارضة. في ظل مجلس أغلبيته أولوياتها ضائعة، وأقليته مائعة، صار البرلمان لدينا تؤججه أي تصريحات بأصوات عالية، تفشت بين أعضائه سمة السباب، وبينهما حكومة متآكلة لا يعرف الشعب أشخاصها، ولا يسمع لهم رأيا ولا يلمس لهم عملا ولا هي قادرة على صنع واقع او تغيير للمستقبل، بل هي تبع للبرلمان بأغلبيته وأقلية تتصرف بردة الفعل ولا تملك أن تكون هي مصدر الفعل، ولا عزاء لوطن بحكومة غائبة وبلا قيادة.
* * *
● سؤال لأعضاء البرلمان:
لماذا لم يقدم أي من الأعضاء استجوابا لرئيس الحكومة عن حريق «رحية»؟ أين الأغلبية من ذلك؟ وأين الأقلية أيضا؟ ما هو موقف الأعضاء من إلغاء الدعم عن الكهرباء والماء والبنزين إذا لم يمس ذلك الاحتياج الطبيعي للمواطن؟ سؤال لو جاءت الإجابة عنه إيجابية، لوفرنا 3 مليارات دينار من قيمة الدعم في الميزانية.
اللهم إني بلغت.
أ. د. محمد عبدالمحسن المقاطع
dralmoqatei@almoqatei.net
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق