خالد الجنفاوي: مجلس الأمة والشتائم: “كثر الدق يفج اللحام”


“سقطت جلسة مجلس الأمة أمس في أوحال السجالات الطائفية والشتائم والسباب والعراك والاشتباكات بشكل غير مسبوق فاق كل التوقعات وقدم دليلا جديدا على أن “مجلس 2012 ” ليس إلا انحرافا عن المسار الديمقراطي السليم الذي ارتضته الكويت طريقا ومنهجا منذ أكثر من نصف قرن” (نقلاً عن “السياسة” 25-4-2012).
حين تبدأ سلوكيات وتصرفات التباغض والخصومة والشتائم المتبادلة تحل مكان التعاون المثمر والحوارات الراقية والديمقراطية المتوقعة فربما هذا دليل على عدم قدرة البعض الترفع عن أساليب التهديد والتطاول على الآخرين. فالمسألة هنا واضحة وضوح الشمس: ما إن يدخل الكِبر قلوب البعض وتأخذهم العزة بخطاباتهم الشخصانية حتى يبدأوا التعسف باستخدام الآليات الديمقراطية المتاحة لهم. وما حدث في الجلسة الأخيرة لمجلس الأمة من بعض تلاسن حانق وبعض شتائم متبادلة لا يعكس إطلاقاً السلوكيات والتصرفات الكويتية النمطية. فلا زلت أعتقد أننا ككويتيين شرفاء النفوس وكريمي الخلق والأهم نحن الكويتيين عفيفو اللسان بل ونبتعد بشكل تلقائي عن الانحدار إلى خطابات شخصانية تنم عن ضيق أفق شديد بل ضيق بالرأي والرأي الآخر. ومن هذا المنطلق, لا أعتقد أن ما يحصل عادة في مجلس الأمة من تشابك لفظي حاد بين بعض أعضاء مجلس الأمة يعكس السلوكيات النمطية للشخصية الكويتية التاريخية. ولكن أعتقد أن “كثر الدق يفج اللحام” أي من المفروض أن يلتفت العقلاء في مجلس الأمة إلى خطورة تفاقم خطابات التشنج والخصومة والاختفاء التدريجي لخطابات الديقراطية البناءة والحوارات الأخوية.
فاحدى مهمات أعضاء مجلس الأمة هي إبراز الجانب الايجابي في ممارساتنا اليومية الكويتية وليس تشويه واقعنا الاجتماعي المحلي.على سبيل المثال, أعتقد أن ما تعلمناه وتربينا عليه على يد آبائنا وأجدادنا من حضر وبدو الكويت هو أن نحترم الرأي الآخر وأن نعتنق سلوكيات “التكانة” والخلق الحميد: فالمرجلة في سياقنا الكويتي الاجتماعي تبدأ وتستمر في ممارسة أخلاقيات كريمة وعفة لسان مميزة وإحترام الصغير للكبير وليس مثلاً الإصرار على التكبر المزيف أو الرهان الخطير على قدرة نسيجنا الاجتماعي في صد هجمات شخصانية متكررة. فالأخوة الأفاضل أعضاء مجلس الأمة يتحملون مسؤولية تاريخية في تكريس الوحدة الوطنية ونشر المحبة والتعاضد والألفة في أرجاء كويتنا الغالية, وليس العكس. فلعل وعسى.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com

المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.