عبداللطيف الدعيج: شيزوفرانيا الناخب الكويتي


هل انتخاباتنا السياسية نزيهة مائة في المائة؟! هل نتائج انتخابات مجلس الأمة، منذ الفصل الأول وحتى الآن، تعكس بصدق ونزاهة اتجاه الشارع الكويتي ومطالب الناخبين؟ أنا تأملت في نتائج الانتخابات، وتوصلت إلى نتيجة تبدو صحيحة تماماً، وهي أنه من المستحيل أن يكون الناخب نفسه الذي انتخب مجلس 1981 هو من انتخب المجلس الذي خلفه، أو أن الناخب الذي انتخب أعضاء المجلس السابق هو الناخب نفسه الذي انتخب الأعضاء الحاليين. لا بد أن يكون لدى الناخب الكويت «شيزوفرانيا» من النوع الثقيل، حتى يتحفنا بمخرجات الانتخابات البرلمانية التي تتناقض مع بعضها، وتتغير يميناً ويساراً من دون تفسير معقول أو سبب واضح.

في انتخابات المجلس الأول نجحت بعض الشخصيات الوطنية، التي اضطرت بعدها إلى الاستقالة، بسبب الحصار الذي مارسته الحكومة مع بقية النواب ضدها. وفي الانتخابات اللاحقة كان المتوقع أن تفوز المعارضة المستقيلة بأغلبية مريحة، لكن النتيجة كانت عكس المتوقع، إذ لم ينجح أحد. طبعاً كانت هناك قناعة بأن السلطة زورت انتخابات مجلس 1967. سنة 1981، لم ينجح أيضاً أحد من المعارضة الديموقراطية، لم ينجح أحمد الخطيب ولا سامي المنيس ولا جاسم القطامي ولا حتى محمد مساعد الصالح الذي كان أكثر مرونة من البقية. لكن أحداً لم يتهم السلطة بالتزوير. بعد أربع سنوات، أي في انتخابات 1985، نجح الدكتور الخطيب وسامي المنيس، وانضم إليهما أحمد الربعي وحمد الجوعان أيضاً. فهل الناخب الذي «سقط» الاتجاه الوطني عام 1981 هو الناخب ذاته الذي انتخب مجلس 1985، الذي اضطرت السلطة إلى حله بعد عام؟!

إذا نظرنا إلى انتخابات المجلس السابق، التي فتح الناخب فيها الباب أمام المرأة الكويتية لتتقدم الصفوف في الدائرتين الأولى والثالثة، حيث حلت معصومة المبارك الأولى على الدائرة الأولى، بينما احتلت أسيل العوضي المركز الثاني في الثالثة، بالإضافة إلى نجاح رولا الدشتي وسلوى الجسار. كما احتل الاتجاه الوطني الديموقراطي المراكز المتقدمة في الدائرتين الثانية والثالثة. هذه الانتخابات، أو في الواقع تلك الانتخابات، تتعارض نتائجها تماماً مع نتائج الانتخابات الأخيرة التي شطبت فيها المرأة وتقلص التواجد الوطني بشكل واضح.

في الواقع، إن نتائج كل انتخابات مجلس الأمة تبدو متناقضة وغير منطقية. مرة يسقط الناخب الكويتي كل مرشحي «حدس» أو الإخوان المسلمين، نجح الحربش لأنه عنزي، ومرة يوصل كل مرشحيهم كما حدث مؤخراً في كل الدوائر التي خاضوا الانتخابات فيها! فنحن دائماً نتلمس مجلساً يمكن وصفه بالوطني مرة، وفي المرة التي تليها يتغلب التيار الديني أو الموالي! لكن الأمر لا يدوم، حيث يتم كنسه في الانتخابات اللاحقة التي أيضاً يتم تجاوزها في ما بعد في تبادل أدوار ومواقع دائم. فهل الناخب الكويتي «مودي» إلى هذه الدرجة، أم أنه بالفعل لديه انفصام شخصية.. أم أن الانفصام هو في شخصية من «يتحكم» في الانتخابات؟!

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.