شملان العيسى: إدارة دولة أم بقالة

الاخبار التي تنقلها صحافتنا المحلية عن حالات التردي العام والتسيب وعدم المبالاة وعدم الاكتراث، تترك الانطباع لدى أي مراقب لديه ذرة من العقل ليستنتج بان المسؤولين في الدولة سواء على مستوى الوزراء أو الوكلاء أو المديرين ورؤساء الاقسام والجيش العرمرم من الموظفين لا يستحقون إدارة بقالة فما بالك بإدارة دولة!.. وحتى لا نتهم بالتجني والعداء للحكومة وموظفيها ننقل للقارئ الكريم ما نشرته الزميلة «الجريدة» يوم أمس الاول الاثنين 21 يناير 2013 في صفحتها الثالثة «تقاعس التربية يغيب الكويت عن تقرير اليونسكو».. وفحوى الخبر يقول: «طالبت اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) وزارة التربية بتزويدها بالاستمارات واحصائيات والاعداد وغيرها من البيانات اللازمة في هذا المجال بأسرع وقت ممكن، مشيرة الى ان معهد الاحصاء التابع للمنظمة لم يتسلم هذه البيانات على مدى العامين الماضيين، الأمين العام للجنة الوطنية الكويتية للتربية والعلوم عبداللطيف البعيجان خاطب وكيل قطاع التخطيط والمعلومات الدكتور خالد الرشيد بصفته الجهة المسؤولة عن هذه البيانات في وزارة التربية لتزويده بأسرع وقت ممكن بالبيانات المطلوبة ليتسنى لهم ارسالها الى منظمة اليونسكو لكنهم لم يحصلوا على المعلومات منذ عامين».
ربما تتساءل أيها القارئ لماذا لم تبعث الوزارة المعلومات والبيانات الخاصة؟، لنقرأ معا العذر المكتوب في «الجريدة».. «أشارت مصادر تربوية الى ان قطاع التخطيط كان يوكل هذه المهمة الى موظفة تقوم بعمل الاحصاءات وتجميع البيانات سواء المتعلقة بالتعليم العالي والجامعات والتعليم التطبيقي لتقوم بتجميعها في استمارة واحدة وارسالها الى معهد اليونسكو للاحصاء الا ان الوزارة قامت باسناد المهمة الى موظفة اخرى منذ حوالي عامين التي لم تقم بدورها فيما يبدو مما تسبب في عدم ارسال هذه البيانات على مدى العامين الماضيين».
هل هذا الكلام مقبول من وزارة تحترم نفسها اذا كان ملء استمارة واحدة يستغرق عامين كاملين؟ ما نوعية موظفي الدولة المنوط بهم مهمة التنمية الموعودة التي لن ترى النور ابدا؟.
لا احد في ادارة الاحصاء في التربية تساءل لماذا اهملت هذه الموظفة واجبها ولماذا لم تبلغ رؤساءها بأنها لا تعرف كيف تملأ المعلومات على ورقة واحدة، السؤال: أين بقية جيش الموظفين بالوزارة؟.. أين وكيل الوزارة المسؤول عن هذا الجهاز وأين الأمين العام لليونسكو بالكويت؟ لماذا اقتصر دوره على بعث رسالة وانتظار الجواب من موظفين لا يكترثون؟ واين مندوب الكويت في اليونسكو ولماذا لم يحذر الوزارة؟، طبعا الجميع سوف يبرئ نفسه من المسؤولية وهذا شيء طبيعي وعادي في الدولة الريعية النفطية التي لا يحاسب فيها الموظف المهمل والمتغيب والمرتشي والسارق.
هل سيحدث شيء بعد هذه الفضيحة؟.. من تجاربنا البسيطة لن يحدث شيء فحالات الاهمال والتسيب والفساد والرشوة والتغيب عن العمل سوف تستمر مادام ليس هناك قانون صارم وجاد لمحاسبة المهملين والمقصرين والمرتشين والفاسدين، مادام المواطن الكويتي يشعر بانه فوق القانون فلا أمل بالاصلاح ونخدع انفسنا اذا تكلمنا عنه.
ما يزعجني فعلا ليس الفساد والرشوة والاهمال والتسيب بل المطالبات اليومية من موظفي الدولة بزيادة رواتبهم وامتيازاتهم وكوادرهم بدون أي شعور بالمسؤولية تجاه هذا الوطن المنكوب والمهمل من قبل موظفيه من المواطنين وغيرهم وادارة حكومية عاجزة وفاسدة ولا تشعر بالمسؤولية امام الكوارث اليومية في اجهزتها.

د.شملان يوسف العيسى
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.