ناصر العبدلي: استقل

فوجئت وغيري بأداء وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود، فقد كنا تحت طائلة التفاؤل عند شغله لهذا المنصب، استنادا إلى تجربته الأولى في عهد الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله، رحمه الله، لكن ما يحصل هذه الأيام أصابنا كمواطنين بسطاء بالإحباط، فالرجل خسر الكثير من رصيده السابق عندما وقف عاجزا عن تحريك المياه الراكدة في تلك الوزارة المصابة بالشيخوخة.
الشيخ أحمد الحمود الذي نعرفه، كان شعلة من النشاط في تجربته الأولى في الوزارة، وكان «شرسا» تجاه أي تجاوزات في الوزارة الهرمة، وبدأ معركة اجتثاث للمافيات التي تكونت في غفلة من القائمين على الجهاز الأمني في ذلك الوقت، وانشغالهم في صراعات سياسية بعيدا عن الملف الأمني، ورغم تركه المنصب، إلا أن بصماته كانت واضحة في تعديل مسار الوزارة وكان أحد أفضل شخصيتين تسلما مسؤوليتها.
اليوم لم يتبق من ذلك الحمود شيئا كما تتناقل الدواوين والمنتديات، فقد أصبح جزءا من الجمود الذي يعتري وزارة الداخلية، حتى أن فكرة مراكز الخدمات التي دشنها الشيخ محمد الخالد وزير الداخلية الأسبق، وهي فكرة رائدة اختصرت الكثير من وقت وجهد المواطنين تحولت الآن إلى عبء على المواطن، وفقدت الهدف من إنشائها، وبحاجة إلى يد الجراح الماهر لإعادتها إلى الطريق مرة أخرى.
وزارة الداخلية من أهم الوزارات على الإطلاق، ليس لأنها مكلفة بحفظ الأمن فقط، بل لأنها مرتبطة بحاجات المواطنين اليومية، فهناك إدارات الهجرة والمرور والبصمات وغيرها الكثير، وقد كان سمو الأمير الوالد ـ رحمه الله ـ يوليها اهتماما كبيرا ويبني بقية الحقائب الوزارية على من يشغلها أولا، استنادا إلى تلك الحقائق، والمفترض في الوزير الحمود أن يعيد لها قدرتها على المنافسة أو يتركها ويرحل إذا كان تنفيذ مثل ذلك المطلب صعبا.
هناك تجاوزات أمنية، وقد سبق أن تطرق الكثيرون إلى بعض القطاعات المهملة في الوزارة منذ فترة طويلة، وما جلسة الانفلات الأمني إلا تعبير عن ضيق المواطنين بمثل تلك التجاوزات، فالمواطن فقد ثقته بأجهزة الوزارة، وفقد رغبته في المساهمة في حفظ الأمن، وآخر التردي آلية تعاطي الأجهزة الأمنية مع المسيرات السلمية وإغلاقها المنافذ أمام حرية التعبير في الاعتصام التي كفلها الدستور.
الشيخ أحمد الحمود كان له انطباع جميل في عقول المواطنين، وتوقعوا منه الكثير، أبرزها أن يترك المنصب إذا ما أحس أنه لن يكون الشيخ أحمد الحمود الذي نعرفه جيدا، وأن يزهد في المناصب إذا كانت لا تضيف له شيئا فهم يتوقعون أنه ليس من «عبدة» المناصب والمواقع، وتاريخه أهم بكثير من أن يكون أداة أو أن يكون عاجزا عن القيام بشي يحفظ له ذلك التاريخ.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.