ساتيش شاند ميهتا: الذكرى الـ 64 لتأسيس جمهورية الهند

بمناسبة الذكرى الرابعة والستين لتأسيس جمهورية الهند، أتقدم بأحر التهاني الى جميع أفراد الجالية الهندية في الكويت، بالإضافة الى أصدقائنا الكويتيين وغيرهم من الجنسيات الأخرى.

في هذا اليوم المهم في عام 1950 دخل دستور الهند حيز التنفيذ وأصبحت الهند جمهورية ذات سيادة وعلمانية وديموقراطية، ان دستورنا قام بتلخيص قيمنا ومعتقداتنا المتعلقة بالمساواة والعدالة وحرية التعبير والفكر والاختيار وسيادة القانون والعلمانية، لقد واجهت صعوبات الزمان وقد ازدهرت لتصبح ديموقراطية قائمة على المشاركة والرعاية، وعلى النحو المتوخى من قبل أبنائنا المؤسسين، فقد وقفت الهند أيضا الى جانب السلام والوئام في جميع أنحاء العالم، وإلى جانب كونها أكبر ديموقراطية في العالم، فإن الهند هي أيضا واحدة من الدول الأكثر تنوعا حيث يتعايش فيها سلميا العديد من الديانات المختلفة واللغات والأعراق والثقافات، وفي الحقيقة فإن الوحدة في التنوع كانت هي حافزنا المهيمن.

وقد رافق الاندماج السياسي في الهند جهود رامية لتحويل اقتصادنا الزراعي الى اقتصاد حديث، ان الهند اليوم تعتبر ثالث أكبر اقتصاد في العالم من حيث تكافؤ القوة الشرائية، وعلى الرغم من الركود الاقتصادي في أنحاء مختلفة من العالم، وكنتيجة لسياسات اقتصادية حكيمة وتدبير وسياسات استثمار جذابة في العقدين الأخيرين، فقد بلغ معدل النمو في الهند 7% وهي ثاني أعلى نسبة بين الاقتصادات الرئيسية، انها واحدة من أكثر الوجهات المفضلة للاستثمارات الأجنبية، وتتمتع الهند بطبقة متوسطة كبيرة وهي التي تخلق سوقا محليا ضخما، كما انها واحدة من الأمم الصغرى في العالم بوجود أكثر من نصف سكانها من الفئة العمرية العاملة، ومن المتوقع ان تسهم هذه الهبة الديموغرافية بشكل كبير في نمو الهند في السنوات القادمة.

ان تركيزنا على تشجيع العلوم والتكنولوجيا يؤتي ثماره بسخاء، ان لدينا الآن ثالث أكبر تجمع للأيدي العاملة العلمية والتقنية المؤهلة في العالم، والهند هي من بين البلدان القليلة التي يمكن لها تطوير واطلاق أقمارها الصناعية الخاصة بها ذات الاستشعار عن بعد او تلك ذات النطاق الكامل للتكنولوجيا النووية، ان قطاعي تكنولوجيا المعلومات وخدمات تمكين تكنولوجيا المعلومات لدينا، وبعائدات بلغت 100 مليار دولار في العام الماضي، ارتقيا بالبلد كعملاق برمجيات وكمركز تعهيد خارجي عالمي للعمليات التجارية والمعرفة، ان الهند تبرز بسرعة كمركز رئيسي للبحث والتطوير، واليوم ليس ببعيد حين ستصبح الهند عاصمة المعرفة في العالم.

ان وجود سوق محلية كبيرة، وتوافر الأيدي العاملة الماهرة والموهوبة، والسياسات الجذابة، ووجود قطاع خاص فاعل وتواق للنمو، جميعها تسهم في انبثاق الهند كمركز تصنيع رئيسي، ولإعطاء مثال على ذلك، لا يكاد تكون هناك شركة سيارات دولية رئيسية ليست لها منشأة تصنيع في الهند او تخطط للحصول على واحدة فيها، لقد قمنا بتصنيع 20 مليون مركبة من جميع الأنواع المختلفة وقمنا في العام الماضي بتصدير نحو 3 ملايين وحدة.

ان خلق بنية تحتية وضرورية لتحقيق تنمية اقتصادية، هو أمر يلقى الأولوية القصوى، وفي السنوات الخمس الأخيرة تم استثمار ما يقرب من 500 مليار دولار في البنية التحتية وفي السنوات الخمس القادمة نخطط لاستثمار ما يقرب من تريليون دولار والذي سيكون نصفه من القطاع الخاص المحلي او الاستثمار الأجنبي، وإلى جانب الربط المادي نحن نقوم أيضا بإنشاء ربط الكتروني، اننا واحدة من أسواق الاتصالات الأسرع نموا في العالم بقاعدة مستخدمي الهواتف المحمولة الذين يصل عددها الى أكثر من 929 مليونا (ثاني أكبر سوق في العالم) وأكثر من 137 مليون مستخدم انترنت (ثالث أكبر سوق في العالم). ولتشجيع الاستثمار الأجنبي في البلاد، قامت الحكومة في العام الماضي بإعلان عدد كبير من السياسات مثل السماح للاستثمار الأجنبي في قطاع تجارة التجزئة متعددة العلامات التجارية، بالاستثمار لغاية 49% من قبل شركات الطيران الأجنبية في شركات الطيران الهندية، رفع سقف الاستثمارات الأجنبية في قطاع التأمين الى 49%، مما يسمح للمستثمرين الأجانب المؤهلين بالاستثمار مباشرة في الأسهم الهندية، وغيرها الكثير.

وحتى في الوقت الذي تجتذب فيه الهند الاستثمارات الأجنبية، تقوم الشركات الهندية بالوصول الى العالم بغرض الاستثمار في قطاعات مختلفة، لقد قامت شركاتنا بالاستثمار عبر البحار بشكل ملحوظ في السنوات القليلة الماضية من خلال عمليات الدمج والاستحواذ او عن طريق الاستثمارات المباشرة، الأمر الذي ساعدهم في الوصول الى أسواق عالية النمو، واكتساب المعرفة والتكنولوجيا، وتحقيق وفورات في الحجم والنطاق، ورفع أسماء علامات تجارية دولية. وفي حين كان لنا العديد من النجاحات، فإننا ندرك تماما التحديات والتوقعات العديدة والهائلة التي لاتزال قائمة وينبغي معالجتها، وخاصة في مجال القضاء على الفقر وسوء التغذية والأمراض والأمية، وكذلك القضاء على الفجوة بين الريف والحضر، وعدم المساواة الاجتماعية والفوارق الاقليمية، لقد شرعت الحكومة في عدد من برامج التنمية الاجتماعية التي تهدف الى النمو الشامل مثل برنامج المهاتما غاندي الوطني لضمان العمل في الأرياف، وبرنامج التخطيط لليوبيل الذهبي للتوظيف الذاتي في القرى.. الخ، ان قوتنا في مجال تكنولوجيا المعلومات تتم الاستفادة منها في تحويل وتنفيذ هذه البرامج.

في مجال السياسة الخارجية، تسعى الهند الى علاقات ذات المنفعة المتبادلة مع جميع البلدان في العالم، وتحقيقا لهذه الغاية، تعمل معها بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك مثل الارهاب والتغير المناخي، والأزمة الاقتصادية العالمية وأمن الطاقة والغذاء، وقد ساعدت خبراتنا في التعامل مع التحديات التنموية ضمن اطار ديموقراطي وتركيزنا على بناء التقارب والتوافق، في لعب دور رئيسي في التصدي للتحديات الدولية فضلا عن تعزيز السلام والتقدم والازدهار على الصعيد العالمي.

ان علاقات الهند مع الكويت تمتد منذ أمد طويل وهي وثيقة ومتنامية، لقد كنا جزءا لا يتجزأ من حياة وادراك كل منا للآخر لأجيال، ومشاركتنا سوية متعددة الجوانب وهي مستمرة في النمو، ان علاقتنا تتجاوز الروابط التاريخية والثقافية لتشمل السياسية والتجارية والمصالح الاقتصادية، لقد ازدادت التجارة بين الهند والكويت بنسبة 43% في عام 2011 ـ 2012 ووصلت الى مستوى قياسي حيث سجلت 17.5 مليار دولار، ان الهند كانت وعلى الدوام من بين أفضل الشركاء التجاريين للكويت وقد شهدت السنوات الأخيرة انفتاح فرص جديدة في قطاعات مثل الموارد البشرية والسياحة الطبية والضيافة وتكنولوجيا المعلومات.

وقد وفرت الزيارات رفيعة المستوى والتبادلات بين بلدينا منصة لتعزيز العلاقات الثنائية واستكشاف مجالات جديدة للتعاون، ومن أبرز هذه الزيارات التي جرت في العام الماضي تلك التي قام بها وزير المغتربين الهنود فيالار رافي، ووزير الدولة للشؤون الخارجية إيه. أحمد، ومستشار رئيس الوزراء ت. ك. أ. ناير وراهول غاندي عضو البرلمان، الى جانب ذلك عقدت في العام الماضي الآليات المؤسساتية مثل مجموعات العمل المشترك بشأن العمل والأيدي العاملة والتوظيف وكذلك حول الهيدروكربون، كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم حول التعاون في المجال الطبي في شهر ابريل 2012، وعقدت الجلسة الأولى للمشاورات بين وزارتي خارجية البلدين في مايو 2012، ان الجانبين يعملان بشكل وثيق لتقوية الالتزامات على جميع المستويات.

ان وجود جالية هندية تضم أكثر من 650 الف مواطن هندي يلعب دورا مهما في العلاقات الثنائية، انها أكبر جالية مغتربة في الكويت وتتواجد في كل شريحة من شرائح المجتمع، ولها سمعة حسنة كونها كادحة وموهوبة ومنضبطة وملتزمة بالقانون، ان مساهمة جاليتنا في تنمية وازدهار الكويت هي محل التقدير، وأود ان اغتنم هذه الفرصة لأعرب عن امتناني العميق للخير الذي ينعم به أبناء الجالية الهندية من قبل صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وللنوايا الطيبة لشعب الكويت الصديق.

ان الهند تقدر بشكل كبير مساهمة رعاياها في الكويت، وقد أسعدني تكريم رابطة الأطباء الهنود في الكويت بتاريخ 9 يناير 2013 بجائزة برافاسي بهاراتييا سامان التي يطمح إليها الكثيرون المقدمة من قبل رئيس جمهورية الهند تقديرا لخدماتها.

ان السفارة تحاول باستمرار تحسين جودة خدماتها التي تقدمها للجالية الهندية في الكويت، ان مراكز خدمات جوازات السفر والتأشيرات تعمل بصورة مرضية، وإلى جانب ذلك، فمنذ شهر مايو 2012 بدأت خدمة البريد السريع الاختيارية المدفوعة الأجر لتسليم جوازات سفر المتقدمين الجاهزة الى المنازل، وقد حازت هذه الخدمة رضا كبيرا، وبالإضافة الى خدمة «البيت القنصلي المفتوح» اليومية في مبنى السفارة، والتي يمكن خلاله القيام بمقابلة مسؤول قنصلي رفيع المستوى دون موعد مسبق، بدأت أنا بـ «البيت المفتوح» كل يوم أربعاء، حيث يمكن لأي مواطن هندي مقابلتي دون موعد مسبق للنظر في أي مشكلات لم يتم حلها، وبالإضافة الى ذلك، يقوم «مركز رعاية العمال الهنود» والذي تمت اقامته في السفارة في سبتمبر 2009، بتقديم نظام الدعم اللازم لعمالنا من خلال مكتب المساعدة ومكتب الشكاوى العمالية والخط الساخن الذي يعمل طيلة الـ 24 ساعة في جميع أيام الأسبوع، والسكن المجاني، والاستشارات القانونية المجانية، ونظام مصادقة عقود العمل، وسيكون مسعانا العمل على رفع مستوى الخدمات التي نقدمها للجالية الهندية لنستجيب لتوقعاتهم.

وفي هذه المناسبة السعيدة، نحن نلزم أنفسنا من جديد بخدمة شعبنا ووطننا الأم والقضية الأكبر للإنسانية، أتمنى لكل فرد من أبناء الجالية الهندية في الكويت الصحة الجيدة والازدهار، كما اغتنم هذه الفرصة لأعرب عن أطيب التمنيات بالصحة الجيدة والخير واستمرار الرفاه لصاحب السمو الأمير وسمو ولي العهد وسمو رئيس مجلس الوزراء ولشعب الكويت الصديق.
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.