دأبت أحد المدونات الالكترونية أو ما يُطلق القائمون عليها “جريدة الكترونية” على تناول بعض الأخبار المحلية وبخاصة ما يتعلق بأداء بمجلس الأمة ومساهمات اعضائه بسخرية وتهكم ونقد لاذع لا منطقية. وأعتقد أن ميل البعض لإستخدام التهكم الشخصاني في نقد أداء مجلس الأمة ينبع من ميلهم للتأزيم وتأييدهم الواضح لميول سياسية معينة, بينما لا يحترمون مشروعية الطرف الآخر في إمتلاك وجهات نظر مختلفة. وبالطبع ما يدل عليه الاستمرار في إستعمال عبارات وتعليقات السخرية حول ما يحدث في البيئة المحلية تشير إلى نفاد الحيلة وضعف التأثير الفعلي على ما يحدث في مجتمعنا. فبعض من لا حيلة له في هكذا سياقات “ديمقراطية” يميل أحياناً لاعتناق أساليب التهكم والاستهانة بالطرف الآخر, دون أن يوفر خيارات بديلة عملية وناجحة للتغلب على المشكلات والتحديات اليومية التي يواجهها المواطن العادي.
إضافة إلى ذلك, إدمان التهكم والسخرية ومحاولة قتل شخصيات من يحملون أراء مختلفة وتشويهها يدل بشكل أو بآخر على قلة إستيعاب البعض للنهج الديمقراطي التعددي. فلا يملك أحدهم الحق في إزدراء الشريك الآخر في الوطن وفي الممارسة الديمقراطية فقط لأنهم يحملون آراءً مختلفة أو يؤيدون توجهات وطنية معينة لا تتناسب مع تطلعات البعض.
ولقد طالبت وزارة الاعلام أكثر من مرة وعبر هذه الصفحة بالاسراع في تنظيم “النشر الالكترونية” وبخاصة فيما يتعلق بتنظيم الجرائد الالكترونية. فمن جهة, يوجد لدينا جرائد إلكترونية محلية يبدو يحاول القائمين عليها التزام المعايير الصحافية المتعارف عليها عالمياً مثل جريدة “الخط الأحمر” وجريدة “هنا الكويت.” ومن جهة أخرى ثمة نوع آخر من المدونات الالكترونية الشخصية في أساسها والتي يبدو يحاول ناشروها تقديمها للرأي العام الكويتي وكأنها رديف مهني للصحافة الالكترونية الجادة, وهي ليست كذلك!
وبالطبع لا تختلف الجريدة الالكترونية الجادة عن قريناتها الورقية, فالقائمون عليها يتبعون نفس المعايير الصحافية في نقل الخبر المحلي والعالمي بحيادية مهنية وحرفية ملاحظة. فهذا هو الاسلوب الصحافي المتعارف عليه عالمياً والذي يفرق بين “الصحافة” الصفراء التابلويدية وبين الصحافة المهنية والجادة. قلب الحقائق ومحاولة تشويه الوقائع المحلية لتتناسب مع التطلعات الشخصانية والضيقة للبعض. ومحاولة تأزيم أوضاعنا المحلية عبر زرع بذور الشك في قدرة بعض مؤسساتنا الوطنية المختلفة القيام بعملها, ليست صحافة جادة بل تدخلاً مرفوضاً في جسد الصحافة الكويتية الجادة والمهنية. فلعل وعسى.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق