توقفت عن الكتابة اختياريا في الفترة الماضية، والسبب هو رغبتي في اجراء تقييم ذاتي لمسيرتي المتواضعة في عالم الكتابة، في محاولة لتلمس الطريق وترتيب الأولويات، ومعرفة بعض مكامن الخلل والعثرات، والأهم من ذلك كله، هو في محاولتي أن أجيب عن سؤال ملح ألقاه على مسامعي الكثير من الأصدقاء، وهو: لماذا تكتب؟!
هو سؤال في غاية المباشرة والوضوح، لكن إجابته ليست كذلك على الإطلاق، فبين ثنايا السؤال استغراب عميق قام بالتصريح عنه بعض الأصدقاء، ومحوره هو الكم الرهيب من الهجوم الشخصي الذي أتعرض له من البعض على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» وغيره، وما يتعلق منه بمسيرتي الادارية في موقعي الحالي كرئيس لقسم الطب النفسي في مركز الكويت للصحة النفسية، أو ما يتعلق منه ببعض توجهاتي السياسية تجاه الأحداث الحالية في البلاد وانتماءاتي الحزبية التي استقلت منها أخيرا، والكثير غيره.
أصدقائي عبروا لي عن استغرابهم من عدم استغلالي للمساحة المعطاة لي في هذه الصحيفة واسعة الانتشار في الدفاع عن نفسي ضد ما يرونه من حملة شخصانية ظالمة، تستهدف اسمي وسمعتي المهنية، ومحاولة الطعن في شخصي من زاوية انتماءاتي الاجتماعية، في حرب لا تستهدف في نظرهم الصالح العام أو التطوير الاداري أو المحافظة على السلم الاجتماعي في البلد، بل تعبر عن الاستغلال لانقساماتنا الاجتماعية بأبشع الطرق من أجل مصالح شخصية تستهدف الدفاع عن هذا الموظف أو ذاك، أو الانتصار لهذا الرأي السياسي من ذاك.
يستطرد أصدقائي ضاربين الأمثلة العديدة في التصدي الشخصي من قبلي وفي الكثير من وسائل الاعلام لمحاولي دق اسفين التفرقة بين المواطنين الكويتيين باختلاف توجهاتهم المذهبية والعرقية وغيرها، ومعبرين عن دهشتهم من الاندفاع في اتهامي من قبل البعض بمخاصمة قبيلة معينة أو فصيل اجتماعي معين فقط، وفقط بسبب وجود موظف هنا أو هناك ممن مارست عملي تجاهه بمنتهى المهنية والنزاهة ووفقا لمتطلبات العمل وأداء أمانته، حسب اجتهادي وقناعتي طبعا، ولا يخفي أصدقائي احباطهم من درجة تغلغل أمراضنا الاجتماعية في نفوسنا المرهقة والمبتلاة بالكراهية والتعصب، لدرجة تجعلنا لا نفرق بين من هو في صفنا ومن هو ضدنا، ففي نظرهم، أصدقائي، فبعد كل مقالاتي دفاعا عن القبائل ونبذ محاولات التفرقة ضدهم، وبينهم وبين أبناء المذهب الجعفري، وبعدما كتبت المقالات الناقدة للمسيرة السياسية لطائفتي منبها لها من خطورة التصادم مع القبيلة أو غيرها من التشكيلات الاجتماعية، وبعد وقوفي مع فيصل المسلم وخالد الفضالة وغيرهما في سالف الأيام في بيانات موثقة، والدفاع في بيانات موثقة أيضا عن بعض توجهات د.حسن جوهر والتي خالف بها السائد من التوجهات بين أبناء طائفته، بعد هذا كله، يأتي البعض «باردة مبردة»، ليتهمني بكره القبائل وغيرها من الأمور المرسلة، فهذا هو ظلم وإجحاف كبير حسب رأي أصدقائي طبعا-!
بعد تفكير طويل، وتنهيدة متألمة، قلت لأصدقائي إنني لا أكتب من أجل هذا كله، فلا أحاول أن أكون بطلا قوميا أو قائدا جماهيريا، أو سفيرا للتعايش بين فئات المجتمع، وهذا كله أمر لا بأس به، لكنني أكتب لسبب آخر، سبب شخصي وأناني جدا..
أنا أكتب ببساطة، لأنني اكتشفت أن هذه هي طريقتي لطرد الاكتئاب الذي يطاردني من أوضاع البلد..
ولأن علاج الاكتئاب هو عبارة عن دواء يتم تناوله في كثير من الأحيان بشكل دائم..
فسأستمر في تناول علاجي.. الكتابة!
Twitter: @alkhadhari
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق