أعتقد أن مسلم البراك قد تعرض لطعنة منافس أكثر منها طعنة خصم، فالخصم واضح وخصومته معلنة وأساليبه معروفة، أما المنافس الحاسد الذي استوطن الحقد قلبه فلن يتردد في الغدر بمنافسه الذي عجز عن مجاراته حتى وإن وقف إلى جانبه وادعى محبته، وربما لا تكون طعنة منافس واحد بل عدة منافسين جمعهم هدف الخلاص منه وإزاحته عن الواجهة وإلى الأبد، أقول بهذا بعد أن روى لي أحد الإخوة إجابة أحد النواب السابقين حين سأله عن سبب هذا الاستعراض الممجوج الذي يقوم به والتقليد الأعمى لمن تفوق عليه فقال (يا أخي جنني وحدني على الشين، شتبيني أسوي، إذا ما أجاريه وأسوي مثله أو أزيد عليه ما راح أنجح)! فكم من شخص على شاكلة هذا؟
٭٭٭
الكل منا متابع الزخم الإعلامي غير المبرر الذي سبق خطاب مسلم البراك غير الموفق، وكأن القائمين عليه يريدون أن يصلوا بمسلم إلى نقطة اللاعودة، ودفعه إلى عدم التراجع أو على الأقل عدم التريث والتفكير في عواقب ما سيقدم عليه، فأقاموا الدنيا قبل الخطاب ولم يقعدوها، وهيؤوا الشارع لما أسموه (خطاب السقف المرفوع)! والمتابع لمسلم وهو يلقي خطابه يلاحظ الاضطراب الذي بدا عليه، وكيف تعامل بعصبية ونرفزة مع محيطه خصوصا مع ذلك الشاب الذي كان يمد إليه كل ورقة يفرغ من قراءتها، مما يدل على تردد مسلم في قبول الخطاب قبل تبنيه وإلقائه، فمن الذي طرح فكرة الخطاب واقترح رفع السقف؟ ومن الذي زج بمسلم تحديداً لإلقائه دون سواه؟
٭٭٭
خطاب (السقف المرفوع) ليس خطاب مسلم، ومن يعرف مسلم البراك جيدا يعلم بأن كل قضية يتبناها يسبقها خطاب محدد المطالب، والخطاب الذي (ورط به) ليس سوى اساءة قبل أن يكون خطاب سياسة، ومن اختار النقاط التي ارتكز عليها الخطاب تعمد ذلك، ومن أشار بتوقيته يدرك العواقب التي ستحل بمسلم ويعي الثمن الذي سيدفعه وأن المسؤولية ستقع على عاتقه منفردا! فرفض التأجيل ورفع السقف واختيار التوقيت عوامل لم تغب عن فكر من أراد إزاحة مسلم من خلال توريطه! وهو الأمر الذي ربما اكتشفه مسلم البراك ولكن للأسف بعد فوات الأوان.
٭٭٭
يمتلك مسلم البراك شجاعة لا يعرفها ثلاثة أرباع نواب الأغلبية، ويقدم بجرأة على ما يحجمون عنه بخوف، لذلك كان قدر مسلم البراك أن يدفع ثمن جبن فرسان الكلام، ويتعرض من وجهة نظري لمؤامرة أبطالها البعض منهم، خصوصا من يبدي خلاف ما يبطن، ويتحدث في وجوده بما يخالف غيابه، وهذا لا يبرر سقطته الكبرى، ولا يرفع عنه اللوم، فالشجاعة التي لا يوافقها بعد نظر وحنكة يدفع صاحبها الثمن غاليا، وهو ما يحدث اليوم، حيث تبرأ البعض من الخطاب ورفض تبنيه! أما من يرى أن الخطاب يمثله فعليه أن يثبت ذلك فعلاً لا قولا؟!
< نقطة شديدة الوضوح:
أكرمنا بسكوتك، نقولها مقدما لكل من يدعي بأن مسلم البراك (لا يخطئ) وكأنه يلبسه ثوب العصمة، فهؤلاء هم من أضروا بالديموقراطية والحرية والحراك من خلال تمجيدهم للأشخاص بدلا من اهداء عيوبهم إليهم ليتلافوا المحظور ويتجنبوا الوقوع في الخطأ، ولو (افتك) مسلم البراك والآخرون منهم لكانوا بألف خير! أما أغلبية الأغلبية فليسوا سوى طامحين إلى نجومية أقليتها! وهذا أمر لن يتحقق، فلا كاريزما لديهم ولا فكر ولا قبول!!
مفرج البرجس الدوسري
MALDOSERY@alwatan.com.kw
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق