تصريح رئيس الحكومة، الشيخ جابر المبارك، أمس والذي تناقلته وسائل الإعلام ذكر فيه «أن القيادة السياسية حريصة على الدعوة إلى الحوار الهادئ والبناء حول وجهات النظر المختلفة بين أبناء المجتمع الواحد»، هو تصريح يعطي مصداقية لما تم تداوله من معلومات منذ أسابيع عدة، بأنه تم تكليف الشيخ المبارك بملف فتح حوار «هادئ» مع المعارضة. ورغم أن هذا «الحوار الهادئ» لايزال في بداياته، وهو بالتأكيد لن يتبلور بشكل واضح قبل صدور حكم المحكمة الدستورية في موضوع مرسوم الصوت الواحد، فإن تصريح المبارك يدلل على أن مبدأ الحوار مع المعارضة، ومع ما يعنيه ضمناً من قبول بحلول وسط – وعلى الرغم من التصريحات النافية – هو أمر قد أصبح مقبولاً من الأطراف المعنية، ولعل ما تردد في الأسبوع الفائت عن وجود نية حكومية لإسقاط القضايا المرفوعة على النواب السابقين يدخل في باب جس النبض.
قد يفاجأ الكثيرون من قبول السلطة فتح حوار مع المعارضة بعد كل ما حصل من مواجهة بينهما، وصلت إلى حد التصادم في الشارع ورفع شعار «لن نسمح لك»، وبعد أن ضعفت المعارضة وأصابها الوهن، لكن الحسابات السياسية تقتضي القول بأن السلطة لن تغامر أو تتحمل إغضاب شريحة كبيرة من المجتمع على المدى الإستراتيجي، حتى لو كان ذلك على حساب فقدانها مصداقيتها وخذلانها لأصدقائها في الموالاة، لأن هؤلاء «مقدور عليهم وما ينخاف منهم».
ما يدفع أكثر باتجاه قبول السلطة بالحوار مع المعارضة، هو أن جابر المبارك يبدو متحمساً جداً لهذا الحوار، ويريد له أن ينجح، ولذلك نجده بالتعبير الكويتي «رافع الجامة» على مجلس الأمة الحالي، لأن «المجلس الحالي – كما قال مبارك الدويلة، وهو أحد المقربين منه – ليس مجلس جابر المبارك»، وهو يفضل التعامل مع «أغلبية» المجلس المبطل لحسابات تتعلق بمستقبله السياسي في الفترة المقبلة، وبالخصوص صراعه السياسي مع الشيخ ناصر المحمد، وعلى هذا الأساس، فإن موقف جابر المبارك واضح، فإذا حكمت المحكمة الدستورية ببطلان مرسوم الصوت الواحد، وعودة نظام الأصوات الأربعة، فإنه يكون قد تحقق ما يسعى له بعودة المعارضة السابقة كأغلبية، أما إذا حكمت المحكمة الدستورية بدستورية المرسوم، فإنه سوف يسعى لإبرام تسوية معينة مع المعارضة يكون من ضمنها حل مجلس الصوت الواحد بافتعال «مسرحية» ما لتبرير حل المجلس الحالي، والدعوة إلى انتخابات جديدة على أساس التسوية المتفق عليها.
باختصار، تصريح جابر المبارك بخصوص «الحوار الهادئ» يعني أن «فيلجا بينت»، أما من لا يريد أن يرى فيلجا فهذه مشكلته، وعليه أن يتحمل عواقبها.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق