يبدو ان المطالبة غير العادلة وغير الديموقرطية وغير المدنية ايضا باسقاط قروض بعض المواطنين في طريقها الى ان تطوى الى غير رجعة. الحكومة على ما يبدو متمسكة بوجهة نظرها العادلة والواقعية من ان لا وجود للمشكلة ولا هم يحزنون، وان المعالجة، هذا في حالة وجود حالات تستحق النظر والمساعدة، فان صندوق المعسرين او الصناديق الاجتماعية والخيرية هي الباب الذي من المفروض ان يطرقه «المحتاج» والمعسر ممن تورط في قضية القروض. لقد مرت قبل سنوات ازمة اجتماعية مماثلة، كان ضحيتها الكثير من المواطنين الذين سجنوا بسبب «شيكات بلا رصيد». وقتها تنادى بعض المهتمين بضرورة مساعدة هؤلاء المواطنين، وتم بالفعل بقيادة وزير الاعلام الاسبق محمد السنعوسي شن حملة تبرع وكفالة للمسجونين على ذمة شيك من دون رصيد. تم حل المشكلة اجتماعيا وليس سياسيا، وعبر المحسنين واهل الخير وليس من خلال تدخل الحكومة واستخدام المال العام.
ان «سلوغن» اسقاط القروض او فوائدها نتيجة تسيد فكر وعقلية جماعة المقاطعة لفترة. وهي عقلية ريعية تعتمد اصلا على خضوع المواطن وركونه لمن يعنى باحتياجاته ويقرر مصادر دخله ومصائره. وهي تتعارض مع النظام العام ومع المبدأ الديموقراطي الشعبي في ان المواطن هو مالك مصيره والمعني بتخطيط حياته، وهو بالتالي المعني بقيادة وتحديد الشأن العام بوصفه احد افراد الامة الواعين اصحاب السيادة والسلطة المطلقة. ان من العجب العجاب ان تنادي جماعة المقاطعة بسيادة الامة ويسعون الى المبالغة في فرض سلطتها في الوقت الذي يحاربون فيه لاسقاط القروض ولانقاذ المتعثرين بوصفهم اغلبية «الامة»!.
ان الدولة وفقا للمادة 25 من الدستور معنية بمساعدة المواطنين وكفالتهم الذين يتعرضون لكوارث طبيعية، ومحن عامة خارجة عن ارادتهم وتوقعاتهم. اما من يختار طائعا مختارا دون غيره من المواطنين ان يعرض حياته او ماله للخطر فان عليه وحده ان يتحمل نتائج مخاطرته.
فواضح هنا ان المخاطرة «محسوبة» او هي من المفروض ان تكون كذلك، وليست مفاجئة او غير طبيعية كالمحن والكوارث الخارجة عن ارادة البشر او حتى توقعاتهم. لقد آن الاوان كي تطوى صفحة القروض وفوائدها، وآن أوان ان يجد مجلس الامة له خطا جديدا وطريقا للانجاز وللاستحواذ على اعجاب المواطنين وتأييدهم غير الغرف من الاحتياطي العام.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق