بدعوة كريمة من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وبتشريف من أسرة الفنان التشكيلي الراحل صفوان الأيوبي، شاركت في منارة صفوان الأيوبي ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي الذي انتهت فعالياته قبل أيام بورقة عنوانها “صفوان الأيوبي … الريشة العنيدة”، قدمت فيها الوجه الاجتماعي وبعض ملامح شخصية والد زوجتي الفنان صفوان الأيوبي، وقد شاركني في التعريف بالفنان الراحل الأستاذ خالد العبدالمغني ومدير الندوة الدكتور عيسى الحداد.
لقد ذكرت خارج النص المكتوب أن نهاية الأيوبي مثل كل نهايات المبدعين في الكويت وفي شتى المجالات، وقد عنيت بكلامي هذا المبدع الذي ليست لديه “واسطة” أو حظوة لدى كبار المسؤولين، وقد وجدت من خلال المساحة المتاحة لي أن أدون في ورقتي قصة الفنان صفوان الأيوبي مع وزارة الصحة، وكيف تم التعامل معه بصورة تخلو من الأخلاق والمهنية.
بعد أن أصيب صفوان الأيوبي بنوع من عدم الاتزان في حركته وشعر أن حالته الصحية في تدهور مستمر، بدأ بعرض حالته على الأطباء، ورغم سوء حالته فقد كان قرار وزارة الصحة الذي أرسل إلى وزارة التربية حيث يعمل مدرسا فيها، هو أن صفوان الأيوبي قادر على العمل ولا يشكو من شيء!!! علما أنه في تلك المرحلة أصبح عاجزا عن قيادة السيارة أو السير على قدميه دون استعمال العصا، ومما زاد في تدهور حالته النفسية هو تضمن تقرير وزارة الصحة لفرية كبيرة هي أن الحالة التي يعانيها ناتجة عن “السكر” وهو الإنسان المشهود له بأنه لم يعاقر المسكرات في حياته.
وعلى إثر ذلك القرار عوقب صفوان الأيوبي بتغيير درجته الوظيفية من مدرس إلى سكرتير داخل المدرسة التي يعمل فيها!! ما أدى إلى خسارته للمكافآت والعلاوات التشجيعية التي كان يتمتع بها، وأمام هذا الإجراء الجائر قدم الأيوبي استقالته من وزارة التربية قبل صدور قرار تحويله إلى سكرتير بيوم واحد.
واضطر صفوان الأيوبي للسفر من أجل العلاج خارج الكويت على نفقته الخاصة برفقة زوجته “أم سالم”، وتوجها إلى ألمانيا وهناك أجمع الأطباء على أن ما يعانيه هو ضمور في المخيخ وهذا حالة نادرة، حيث يصيب هذا المرض عادة كبار السن وليس ممن هم في عمر صفوان الأيوبي، وقد نصح الأطباء صفوان الأيوبي بالسفر إلى سلوفاكيا للعلاج الطبيعي، وذهب إلى هناك لمدة شهر ثم عاد إلى الكويت، وبقي فترة من الزمن ثم سافر إلى فرنسا، حيث يوجد هناك مستشفى متخصص في أمراض المخ والأعصاب، وفي ذلك المستشفى أجريت دراسة وتحاليل شاملة حددت وجود التهابات في القشرة الخارجية للمخ وجرثومة، وخلاصة تلك الرحلات العلاجية منذ منتصف التسعينيات حتى وفاة صفوان الأيوبي في 3 مارس 2002 هي عدم وجود علاج يكفل شفاءه أو يوقف تفاقم حالته عند حد معين.
بعد أن فقد صفوان الأيوبي قدرته على الوقوف الطويل والتحكم بأطرافه بصورة فعالة، ناهيك عن الآلام التي يشعر بها في الرقبة والظهر والمفاصل، وجد الحل في المداومة على الرسم وهو جالس على الأريكة ليلبي رغبته العارمة في الرسم ونسيان حالته الصحية، وكثيرا ما ردد “الفن لا يحب الشريك ومرضي شريك فني”.
لقد طويت سيرة حياة الإنسان صفوان الأيوبي ولكن سيرة فنه وإبداعه لا تزال مستمرة وخالدة، وهي كالقارة الكبيرة قد نكون اكتشفنا مكانها لكننا لم نكتشف بعد كل أجزائها، ورغم مضي أكثر من عشر سنوات على رحيله ما زالت الأوراق تسود عنه بينما من تجاهلوه يعيشون كالحمل الزائد على الأرض.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق