فرانك بيكر: حرية التعبير في زمن شبكات التواصل الاجتماعي

ن طفرة استخدام الهواتف الذكية Smartphones في الكويت لطالما كانت من اكثر الامور التي أدهشتني خلال السنوات الثلاث التي قضيتها هنا. لقد سمعت أخيراً ان الكويت لديها اعلى معدل لاستخدام الهواتف الذكية لكل فرد عن اي مكان آخر في العالم، وهذه حقيقة اصدقها كلما رأيت اصدقائي الكويتيين منكبين على مواكبة الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في دواوينهم.

بالطبع تتماشى هذه الطفرة في التكنولوجيا مع طفرة شبكات التواصل الاجتماعي. «تويتر» في الكويت ليس مجرد موضة عابرة، وانما جزء من المشهد السياسي، فنواب البرلمان الكويتي لديهم متابعون على تويتر اكثر من نظرائهم البريطانيين، على الرغم من ان تعداد البريطانيين يفوق الكويتيين بكثير، حيث يتصدر مستخدمو تويتر الكويتيون المطلعون كل حدث جديد.

تأثير

بلا شك، هذه الطفرة لديها تأثير هائل، فع‍لى سبيل المثال، يبدو واضحا ان وسائل الاعلام الاجتماعية تتيح فرص كبيرة للتعبير عن الرأي، حيث يستطيع الاشخاص من خلالها توصيل افكارهم الى العالم في لحظة، ولا تعتمد نشرات الاخبار وتفسيرها على عملية تنقية الاعلام او الحكومة فقط. بكل سهولة نستطيع الآن تسليط الضوء على وقائع الظلم عندما تقع، ومقارنة الغضب الدولي، مع عامة الشعب وحكوماتهم على وحشية النظام في سوريا، مع السكون الذي وقع في عام 1982 عندما دك حافظ الاسد مدينة حماة، حيث لا يوجد هناك فيديو مسجل على «اليوتيوب» لهذه المجزرة. ولكن هذه الحقوق تجلب معها المسؤولية. عدم مراقبة شبكات التواصل الاجتماعية يمكن ان يؤدي الى تضليل المعلومات، والتشهير والعنصرية والتحريض على الكره والايذاء، وكثير من الامور السيئة بعضها اكثر خطورة من الآخر. نحن نعاني من هذه القضية في المملكة المتحدة، لذا اصدر جهاز النيابة البريطاني أخيراً حزمة جديدة من المبادئ التوجيهية في السياق البريطاني، لما يخالف قانون استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، بكل بساطة كل ما يقال على شبكات التواصل الاجتماعية ينبغي ان يخضع للقانون، ولا يعني الحصانة المطلقة. في نظري، ينبغي محاكمة اي امر من شأنه التحريض على العنف او العنصرية، بغض النظر عن قول هذا الشيء امام الجمهور في ملتقى فعلي او امام صورهم الرمزية الظاهرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

التطرُّف

ولكن وضع هذا الخط ليس امراً سهلاً.

فالتطرف نحو اتجاه واحد يعطي المساحة للكره والعنف ويقوض التماسك الاجتماعي والتطرف نحو الاتجاه الآخر يتعدى على اساسيات حقوق الانسان، لذا يشكل هذا الموضوع جدلاً وصراعا في المملكة المتحدة، حيث يختلف عليه العديد من السياسيين ومجموعات الضغط ومنظمات المجتمع المدني والصحافيين.

لهذا السبب عملت السفارة البريطانية مع وحدة البحث الاوروبي – الخليجي في جامعة الكويت لتنظيم ندوة يوم الاثنين 4 فبراير 2013 تضم خبراء بريطانيين وكويتيين لمناقشة هذه القضايا بشكل دقيق. انها محاضرة اكاديمية للنظر في هذه المبادئ والقضايا، ومناقشتها على الساحة، وهذا سيكون افضل بكثير من دفنها وسط الاضطراب والتعطش السياسي اليومي «هاش تاق» الندوة على تويتر Q8-expression# ونرحب بالجميع للمشاركة، سواء الكترونيا او الحضور شخصياً الى جامعة الكويت، متمنيا ان تكون هذه الندوة مثمرة ومفيدة، بما يليق بهذا الموضوع. وستكون مناقشة مثيرة وممتعة وانني سأجلس منكباً على هاتفي الذكي لمشاهدة ومتابعة هذه الندوة بكل حماسة.

مدونة السفير البريطاني لدى الكويت – فرانك بيكر
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.