تشير المحسوبية Nepotism إلى محاباة الأقارب في التعيين في وظيفة معينة أو منحهم فرصاً أكثر أو تسهيلات وتفضيلهم عن المواطنين الاخرين بسبب قرابتهم وليس بسبب كفاءتهم. والكلمة الانكليزية لهذا المفهوم أتت من Nephew وهو إبن الأخ أو ابن الأخت. وتبرز المحسوبية في تلك المجتمعات الإنسانية التي لم يتحقق فيها بعد حياة مدنية متكاملة. أي تنتشر مظاهر المحسوبية عادة في بيئات اجتماعية لم يتكرس فيها بعد أو بشكل مناسب ثقافة احترام القانون أو الالتزام بواجبات ومسؤوليات اجتماعية وطنية تتفق عليها أغلبية أعضاء المجتمع. وبالطبع تحدث المحسوبية حتى في أكثر المجتمعات تطوراً ولكنها تعتبر تجاوزاً فجاً على القانون ويتم عادة محاسبة من يرتكبها وفقاً للإجراءات المتبعة.ومن “يرتكب” المحسوبية لا بد من أن يمتلك أساساً القدرة على منح مميزات وتسهيلات لأبناء العمومة أو الأقارب, أي يمسك نوعاً ما من الامتيازات الوظيفية أو التجارية أو الاجتماعية يستطيع منحها لمن يريد. والمحسوبية تعتبر جريمة أخلاقية وتجاوزاً ضد القانون يتجاهل فيها مرتكب الجريمة مبادئ العدالة والمساواة بين المواطنين المتساوين في الحقوق وفي الواجبات والمسؤوليات.
ولكن ما يثير الاهتمام في عالمنا المعاصر حول تعامل بعض المجتمعات الديمقراطية والمتقدمة مع مشكلة المحسوبية هو تركيز المؤسسات الحكومية والخاصة والقيمون عليها هناك على عدم حدوث تضارب مصالح. فأصبح “الحذر” من شبهة تعارض المصالح الشخصية في منح مميزات وظيفية أو مالية معينة يدل على الاستقامة الأخلاقية والالتزام بمتطلبات العيش في مجتمع ديمقراطي أساسه العدل وعنوانه الرئيس المساواة بين المواطنين. بل تقشعر العقلية الغربية-إذا أردتم- عند ما يتضح أن ثمة محسوبية حدثت في تعيين أحدهم في مركز وظيفي مرموق ليس وفقاً لكفاءته بل وفقاً لقرابته من المسؤول! ولذلك, يتفادى الكثير من المسؤولين الحكوميين ومديري الشركات العملاقة في بعض الدول الغربية شبهه المحسوبية لأنها ستؤثر سلباً في سمعتهم المهنية وربما ستضعف ثقة المواطنين بهم أو تطرد الزبائن, بالنسبة الى الشركات المساهمة.
كيف يُتوقع أن تتكرس مواطنة صالحة أو هادفة أو حقة في ظل احتمالية وجود المحسوبية? فلن تتحقق مكافحة ناجحة لهذا الشر الاجتماعي المعاصر(المحسوبية) الا بإقرار قوانين وإجراءات واضحة ضدها وتشكيل لجان حكومية وبرلمانية مشتركة تمتلك صلاحيات فعلية لتنفيذ تلك القوانين والإجراءات, وتكشف عن تعارض المصالح بكل سياقاته ونكهاته والوانه وترتيباته. والله المستعان.
\ كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق