محمد الجاسم: حديث المصالحة

تزايد الحديث عن «مصالحة وطنية»، أو «حوار» بين الأطراف المختلفة حول الوضع السياسي الراهن، وعلى الرغم من تزايد هذا الحديث وتداول أسماء شخصيات تقوم بالخطوات الأولى لهذه المصالحة أو ذلك الحوار، مثل عبدالله المفرج ومشاري العنجري، إلا أنه لم يصدر أي بيان صريح من أي طرف يؤكد أو ينفي الأخبار المتداولة في هذا الشأن، وهو ما يعكس حساسية الموقف من جهة، وتدني نسب النجاح من جهة أخرى.
وأيا كانت حقيقة الحديث حول المصالحة، فإن هناك حاجة لإبداء الرأي بشأن الموضوع.
إن المسألة الأولى التي تعترض طريق الحوار هي: من هو الطرف الذي تحاوره السلطة؟ ليس هناك من يمكنه الادعاء بأنه يمثل «المعارضة» أو الحراك الشعبي، وكتلة «الأغلبية» بوضعها الحالي المفكك لا تحظى بدعم شعبي يؤهلها للمفاوضة أو الحوار أو المصالحة، كما أنها لا تسيطر على الحراك الشبابي الميداني.
إن الحوار أو المصالحة يتطلبان لنجاحهما وجود استعداد لدى أطرافهما للوصول إلى نقطة التقاء، فما هي نقاط الالتقاء المحتملة بين السلطة و«المعارضة»؟
إذا أمعنا النظر في أسباب الخلاف والشقاق الراهن، سنجد أنها تدور، ظاهريا، حول مرسوم الصوت الواحد، فهل لدى السلطة الاستعداد لإلغاء هذا المرسوم والعودة إلى النظام السابق؟ وهل لدى «المعارضة» استعداد لقبول مرسوم الصوت الواحد والمشاركة في الانتخابات؟ بالطبع لا تستطيع «المعارضة» القبول بنقطة الالتقاء هذه التي كانت في الأساس سبب الانشقاق، ولا أظن أن لدى السلطة الاستعداد للتراجع.
هل لدى السلطة الاستعداد للقبول بحكم المحكمة الدستورية لو صدر بعدم دستورية «مرسوم» الصوت الواحد، وأن تمتنع عن حث مجلس الأمة الحالي على إصدار (قانون) الصوت الواحد؟ البادي أن هذا الخيار غير مقبول لدى السلطة الآن.
هل لدى «المعارضة» الاستعداد للقبول بحكم المحكمة الدستورية لو صدر بدستورية «مرسوم» الصوت الواحد، والانخراط في الانتخابات القادمة؟ المؤكد أن هذا الخيار مرفوض لديها.
هل تقبل المعارضة بالمقايضة بين سحب قضايا الملاحقات السياسية وبين بقاء مرسوم الصوت الواحد أو حتى تغييره إلى صوتين؟ أظن أن هذا خيار غير مقبول أيضا.
ما هي نقاط الالتقاء المحتملة في مشروع المصالحة أو الحوار؟
شخصيا لا أرى نقطة التقاء محتملة سوى تراجع السلطة عن مشروعها والعودة إلى النظام الانتخابي السابق، ثم بعد ذلك يكون للحديث حول المصالحة الوطنية فائدة حين يصبح تطوير النظام السياسي هو محل المصالحة.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.