حسين العبدالله: سؤال مفصلي للمحكمة الدستورية

سؤال مفصلي ومؤثر ومهم، وبالإجابة عنه قد تنتهي المحكمة الدستورية إلى الحكم بعدم دستورية مرسوم الصوت الواحد، وهو: هل الصوت الواحد الصادر بتعديل قانون الدوائر الانتخابية تصدى للوقائع الملحة، والتي جاء التشريع من أجلها؟ وبمعنى آخر أقول لقد ساقت الحكومة في مذكرات دفاعها، التي قدمتها إلى المحكمة الدستورية، أن الدوافع والأسباب التي دعت إلى تغيير قانون الدوائر ترجع إلى وجود أخطار داخلية وخارجية، وكشفت أن الأخطار الداخلية تمثلت في المسيرات والتظاهرات والاجتماعات المخالفة للقانون واقتحام مجلس الأمة، والسؤال الذي أطرحه مجددا هنا وبصيغة أخرى: ما شأن تلك المبررات بتعديل قانون الدوائر الانتخابية وما الرابط بينهما؟
إذا كانت المادة 71 من الدستور تتحدث عن وقوع حدث بعد غياب المجلس جاز استخدام مراسيم الضرورة بشأن ذلك الحدث؟ فما الحدث الذي وقع للدوائر الانتخابية بعد حل المجلس حتى تصدر مراسيم الضرورة بتعديل هذا القانون؟ هل رفعت قضية داخلية أو خارجية بسبب المادة الثانية من القانون؟ وهل تعرضت البلاد للخسائر من الأربعة أصوات الواردة فيه؟ علاوة على أن المبررات التي ساقتها الحكومة ليس لها ارتباط لا من قريب ولا من بعيد بشأن قانون الدوائر، وذلك للأسباب التالية:
أولا: المبررات التي رددتها الحكومة في مذكرة دفاعها إلى المحكمة الدستورية، أو حتى الواردة بالمذكرة التفسيرية للقانون، تؤكد وتقطع بأنها تعود لأحداث أمنية سببها مخالفة القانون، وقد تعاملت أجهزة الأمن معها وأحالت العشرات من المواطنين والنواب السابقين للقضاء بتهم تنظيم مسيرات أو تظاهرات مخالفة للقانون أو حتى بواقعة اقتحام المجلس، وبالتالي فإن كانت تلك الأسباب دافعا لإصدار مرسوم الصوت الواحد فالحكومة ممثلة في وزارة الداخلية قد تعاملت معها وفق القانون الموجود، وإن صحت حالة الضرورة بشأن تلك الأحداث فكان لزاما تعديل قانون الجزاء أو قانون التجمعات، لأنها القوانين المعنية لمواجهة تلك الأحداث الأمنية على الأقل والمرتبطة بها.
ثانيا: أشارت الحكومة في دفاعها للمحكمة الدستورية إلى أن هناك أخطارا خارجية كانت سببا كذلك لتعديل القانون، في حين أنه لا يوجد أي ارتباط بين أخطار خارجية تهدد البلاد وقانون الدوائر، بل إن تلك الأخطار الخارجية رغم عدم الكشف عن تفاصيلها في مذكرة الحكومة فإن الحكومة وفي فترة غياب المجلس وقعت اتفاقيتين أمنيتين، الأولى مع دول الخليج لمواجهة تلك الأخطار الخارجية، والثانية مع المملكة المتحدة، وبالتالي فإن الحكومة تصدت لتلك الأخطار، بما يتناسب معها، والسؤال: أين رابط تلك الأخطار الخارجية بخفض أصوات الناخبين إلى صوت واحد!
ثالثا: يلاحظ أن مراسيم الضرورة، التي أصدرتها الحكومة رغم افتقادها حالة الضرورة لأنها ليست ملحة، ورغم موافقة المجلس عليها، فإنها كانت مرتبطة بالحدث الذي من أجله صدرت تلك التشريعات، فمرسوم الضرورة لقانون الشركات التجارية جاء ليتصدى لحل مشاكل تجارية، ومرسوم الوحدة الوطنية جاء ليتصدى لقضايا تهدد الوحدة الوطنية، وكذلك الحال لمراسيم تحويل الكويتية ومكافحة الفساد، إلا مرسوم الصوت الواحد، فصدر لأسباب وظروف وضرورة ليست مرتبطة به تماما، ولا وجه للربط أصلا بين خروج البعض بمسيرات وتظاهرات واقتحام مجلس الأمة، وبين الحاجة الملحة لتعديل قانون الدوائر الانتخابية!
أخيرا ورغم عدم توافر الحدث في مرسوم الصوت الواحد يعيب هذا المرسوم أيضا بأنه صدر مفتقدا للسبب الذي جاء من أجله، ما يتعين على المحكمة الدستورية أن تتصدى لصدوره مفتقدا الحاجة الملحة التي جاء من أجلها، خاصة أن الدستور أحاط التشريع الاستثنائي الوارد بالمادة 71 من الدستور بقدر كبير من الشروط والأحكام.
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.